فالحذر الحذر من قبل الندامة والحسرة والقدوم على الله والوقوف بين يديه وتا الله ما صدر قوم قط عن معصية الله إلا إلى عذابه وما آثر قوم قط الدنيا على الآخرة إلا ساء منقلبهم وساء مصيرهم وما العلم بالله والعمل إلا إلفان مؤتلفان فمن عرف الله خافه وحثه الخوف على العمل بطاعة الله وإن أرباب العلم وأتباعهم: الذين عرفوا الله فعملوا له ورغبوا إليه وقد قال الله تعالى:
(إنما يخشى الله من عباده العلماء) فلا تلتمسوا شيئا مما هذه الدنيا بمعصية الله واشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة الله واغتنموا أيامها واسعوا لما فيه نجاتكم غدا من عذاب الله فان ذلك أقل للتبعة وأدنى من العذر وأرجا للنجاة، وقدموا أمر الله وطاعة من أوجب الله طاعته بين يدي الامور كلها، ولا تقدموا الأمور الواردة عليكم من طاعة الطواغيت من زهرة الدنيا بين يدي الله وطاعته وطاعة اولي الأمر منكم. واعلموا أنكم عبيد الله ونحن معكم يحكم علينا وعليكم سيد حاكم غدا وهو موقفكم، ومسائلكم فأعدوا الجواب قبل الوقوف والمسائلة والعرض على رب العالمين، يومئذ لا تكلم نفس إلا باذنه. واعملوا أن الله لا يصدق يومئذ كاذبا ولا يكذب صادقا ولا يرد عذر مستحق ولا يعذر غير معذور، له الحجة على خلقه بالرسل والأوصياء بعد الرسل فاتقوا الله عباد الله واستقبلوا في إصلاح أنفسكم وطاعة الله وطاعة من تولونه فيها، لعل نادما قد ندم فيما فرط بالأمس في جنب الله وضيع من حقوق الله، واستغفروا الله وتوبوا إليه فانه يقبل التوبة ويعفو عن السيئة ويعلم ما تفعلون. وإياكم وصحبة العاصين ومعونة الظالمين ومجاورة الفاسقين، احذروا فتنتهم وتباعدوا من ساحتهم، واعلموا أنه من خالف أولياء الله ودان بغير دين الله واستبد بأمره دون أمر ولي الله كان في نار تلتهب، تأكل أبدانا قد غابت عنها أرواحها وغلبت عليها شقوتها، فهم موتى لا يجدون حر النار ولو كانوا أحياء لوجدوا مضض حر النار، واعتبروا يا أولى الأبصار واحمدوا الله على ما هداكم، واعلموا أنكم لا تخرجون من قدرة الله إلى غير قدرته وسيرى الله عملكم ورسوله ثم إليه تحشرون، فانتفعوا بالعظة وتأدبوا بآداب الصالحين.
* الشرح:
(صحيفة علي بن الحسين عليهما السلام وكلامه في الزهد) الزهد ترك الدنيا وصرف الإرادة عنها والفرار عن متاعها ومناهيها وقيل: الزهد ثلاثة أحرف:
فالزاء ترك الزينة والهاء ترك الهوى والدال ترك الدنيا، وقيل: هو صرف الهمة إلى الله تعالى ورفض حلال الدنيا فضلا عن حرامها، وقال علي بن الحسين عليهما السلام: إن الزهد في آية من كتاب الله عز وجل: (لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم).
(كفانا الله وإياكم كيد الظالمين وبغي الحاسدين وبطش الجبارين) في النهاية: كفاه الله الأمر إذا