* الشرح:
قوله: (قال: فشك في رسول الله؟ فقال: كافر، ثم التفت إلى زرارة فقال: إنما يكفر إذا جحد) من البين أن الشك في رسول الله إنما يتصور قبل تمام الحجة إذ لا شك بعده بالضرورة، والشاك قبله كافر إذا جحد وأنكر بخلاف ما إذا لم يجحد فإنه مستضعف، وسيجئ بيانه، وأما الشاك في الله فهو كافر; لأن حجة الله والدليل على وجوده هي الحجة الواضحة إذ كل شيء شاهد عليه وإنما التفت إلى زرارة للتنبيه على فساد مذهبه وهو أنه لا واسطة بين المؤمن والكافر كما مر وسيجئ أيضا والله يعلم.
* الأصل:
4 - عنه، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) قال: «بشك».
* الشرح:
قوله: (قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) قال: بشك) أي الذين آمنوا بالله ورسوله وأوصياء رسوله ظاهرا ولم يلبسوا ايمانهم بشك في أحدهم باطنا أولئك لهم الأمن وهم مهتدون، والظلم وضع الشيء في غير محله، فالعاصي ظالم لأنه وضع المعصية موضع الطاعة والكافر ظالم لأنه وضع الكفر موضع الإيمان، والشاك ظالم لأنه وضع الشك موضع اليقين، وبالجملة كل من عدل عن طريق حق إلى طريق باطل فهو ظالم وكان السائل سأل عن العام هل هو باق بعمومه أو مختص ببعض أفراده، فأجاب (عليه السلام) بأن المراد به ظلم الشك والكفر قيل: فيه دلالة على أنهم كانوا يقولون بالعموم وعلى جواز تأخير البيان إلى وقت الحاجة واعترض بأنه لا دلالة فيه على شيء منها أما الأول فلأن السائل حمل الظلم على ظلم المخالفة وشق عليه ذلك لما ترتب عليه من عدم الامن وعدم الاهتداء فسأل عن ذلك فأجاب (عليه السلام) بحمله على ظلم الشك، وأما الثاني فلأن الآية ليس فيها تكليف يعمل وإنما فيها تكليف باعتقاد صدق الخبر بأن للمؤمنين الأمن والاهتداء فأين الحاجة التي يؤخر البيان إليها؟ وأجيب عن الأول بأن ظلم المخالفة يتنوع إلى كبائر وصغائر لا تنحصر وإنما شق عليه حمله على ظلم المخالفة إذا عم جميع صورها فأخذ العموم لازم سواء جعل من تعميم الجنس في أنواعه أو من تعميم النوع في أفراده، وعن الثاني بأن الآية وإن كانت خبرا فهي في معنى النهي عن لبس الإيمان بالظلم فهي عملية من هذا الوجه على أن الفرق في تأخير البيان بين المسائل العلمية والعملية غير ظاهر