فانه يقين عند الجهلة غير صادق، ويحتمل أن يراد باليقين الصادق اليقين المستقر الراسخ في القلب إذ إطلاقه على غير الراسخ كاذب.
(وتقى وبرا وورعا) تقى بالتنوين مصدر تقول: تقيت الشيء أتقيه تقى إذا حذرته والمراد به الاحتراز به من المعاصي. والبر بالكسر الصلة والإتساع في الإحسان إلى الناس والطاعة لله تعالى.
والورع محركة الهدى وحسن الهيئة والكف عن المحرمات والمشتبهات والحلال الذي يؤدي إلى احديها وأعلى مراتبه الكف عن كل ما يشغل القلب عن الله تعالى. (وخوفا منك) قال المحقق الطوسي في أوصاف الأشراف: هو تألم النفس من العقاب بارتكاب المنهيات والتقصير في الطاعات كما في أكثر الخلق وقد يحصل بمعرفة عظمة الحق ومشاهدة هيئته كما في الأنبياء والأولياء. (وفرقا يبلغني منك زلفى ولا يباعدني عنك) زلفى كحبلى القربة والمنزلة كالزلفة بالضم، ومنك متعلق بها والإبلاغ الإيصال والفرق بالتحريك الفزع الشديد والخوف ولعل المطلوب الخوف المحرك إلى فعل الطاعات وترك المنهيات وهو المقرون بالرجاء فانه بدونه سبب للقنوط الموجب للبعد عنه تعالى.
(وأحببني ولا تبغضني) حبه تعالى للعبد الإحسان إليه والإكرامن عليه وبغضه له تبعيده عن رحمته وتعذيبه بنقمته. (وتولني ولا تخذلني) تولاه اتخذه وليا وخذله ترك نصرته ووكله إلى نفسه. (وأعطني من جميع خير الدنيا والآخرة ما علمت منه وما لم أعلم) ما مفعول ثان للإعطاء والعائد إليه محذوف وضمير منه راجع إلى الخير أو إلى الجميع وإنما طلب الإعطاء من جميع الخير يعني من كل نوع منه بعضه لا جميعه لأن جميع للجميع كما ذكرناه سابقا.
(وأجرني من السوء كله بحذافيره) كله تأكيد للشمول دفعا لإرادة عدمه وحذافيره تأكيد آخر لدفع استبعاد الشمول مع كثرة أنواع السوء وأفراده. والحذافير بالفتح جمع الحذفار بالكسر وهو جانب الشيء وأعلاه يقال: أعطاه بحذافيره أي بأسره أو بجوانبه أو بأعاليه.
* الأصل:
19 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن معاوية بن عمار قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ألا تخصني بدعاء؟ قال: بلى، قال: قل: «يا واحد يا ماجد يا أحد يا صمد يامن لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، يا عزيز يا كريم يا حنان يا منان يا سامع الدعوات يا أجود من سئل ويا خير من أعطى يا الله يا الله يا الله» قلت: ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون)، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «[نعم] لنعم المجيب أنت» ونعم المدعو ونعم المسؤول أسألك بنور وجهك وأسألك بعزتك وقدرتك وجبروتك وأسألك