أوسع من ذنوبي فتول قضاء كل حاجة هي لي بقدرتك عليها وتيسير ذلك عليك ولفقري إليك فإني لم اصب خيرا قط إلا منك ولم يصرف عني أحد شرا قط غيرك وليس أرجو لآخرتي ودنياي سواك ولا ليوم فقري يوم يفردني الناس في حفرتي وأفضي إليك يا رب بفقري».
* الشرح:
قوله: (اللهم إني تعمدت إليك بحاجتي) تعمده قصده والباء للمصاحبة. (وأنزلت بك اليوم فقري ومسكنتي) يحتمل أن يراد بالفقر المعنى المعروف أعني عدم شيء من متاع الدنيا وان يراد به فقد ما يوجب الثواب الأخروي وإطلاقه على هذا المعنى أيضا متعارف في الشرع كما روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «الفقر الموت الأحمر فقيل له: الفقر من الدينار والدرهم؟ فقال: لا; ولكن من الدين» ويؤيد الثاني التفريع بعده وللمسكنة أيضا معنى معروف يحتمل أن يكون هو المراد ويحتمل غيره وهو الذي أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «مسكين ابن آدم مكتوم الأجل مكنون العلل محفوظ العمل تؤلمه البقة تقتله الشرقة تنتنه العرقة» فقد فسر (عليه السلام) مسكنته بستة أشياء: لا يدرك متى يكون وقت موته فانه مكتوم مستور منه ومن غيره لاقتضاء مصلحة عامة ذلك، وعلله وأمراضه مكنونة مستورة عنه لا يعلم متى يصير مريضا، وأعماله محفوظة بالنقير والقطمير (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)، ويؤذيه أقل شيء حتى البق، يؤلمه، ويشرق بالماء أي يغص به فيهلك والشرقة الغصة، ويصير بدنه نتنا بأقل عرق يسيل منه، وبالجملة مسكنته عبارة عن عجزه.
(فأنا اليوم لمغفرتك أرجا مني لعملي) أراد أن رجاء النجاة أو الدرجة الرفيعة للمغفرة أزيد وأقوى من الرجاء للعمل لأن الوعد بالمغفرة حق ثابت والتقصير في العمل متحقق وقبوله غير معلوم ولفظ اليوم فيما رأيناه من النسخ نسخة وفي الصحيفة السجادية: «بمغفرتك وبعملي» بالباء.
(ولمغفرتك ورحمتك أوسع من ذنوبي) إذ مراتب المغفرة والرحمة غير محصورة والذنوب محصورة وغير المحصور أوسع من المحصور وهو في اللفظ إخبار وفي المعنى إظهار لرجائهما (فتول قضاء كل حاجة هي لي) في ذكر المبتدأ وهو «هي» تكرار لذكر الحاجة مع إفادة ثبوتها ولو لم يذكره فهم الثبوت دون التكرار ولا ريب في أن ذكر الحاجة مكررا أدخل في الرجاء وأقرب إلى القضاء.
(بقدرتك عليها) لإمكانها ونفاذ قدرتك على جميع الممكنات. (وتيسير ذلك) أي القضاء.
(عليك) لعدم الاحتياج فيه إلى استعمال الروية والآلات بل هو مترتب على مجرد الإرادة والفعل المترتب عليه في غاية السهولة. (ولفقري إليك) هذه الثلاثة وهي كمال قدرته على قضاء الحاجة