عوائدك يؤنسني بك) والعوائد جمع العائدة وهي المعروفة والصلة والعطف والمنفعة.
(والرجاء لإنعامك يقويني) على السؤال منك إذ كان كل ذلك بلا استحقاق مني والغرض منه زيادة بسط الرجاء في نيل المقصود.
(ولم أخل من نعمك منذ خلقتني) الظاهر أن المراد بإبتداء خلقه ابتداؤه في العالم الجسماني وهو عند نزوله في الرحم مع احتمال ابتدائه في العالم النوراني وعلى التقديرين نعماؤه تعالى عليه غير محصورة (وأنت ربي وسيدي الفرق بينهما أنه تعالى رب من حيث التربية البالغة وسيد من حيث أنه مالك على الإطلاق فهما متخالفان في المفهوم متساويان في التحقق. هذا في الواجب وأما غيره فبينهما عموم من وجه.
(ومفزعي وملجئي) المفزع من يغيث غيره وينصره في الحوادث من فرغه كمنع وفرح إذا أغاثه ونصره والملجأ من يستند إليه غيره ويعتضد به في دفع المكاره. (والحافظ لي) الحفظ الحراسة، يقال: حفظ ماله إذا حرسه ورعاه من التلف والضياع ووصول يد التغلب إليه، وهو سبحانه حافظ لعبده ولولا حفظه لأهلكته النفس الأمارة وشياطين الجن والإنس (والذاب عني) مهام الحوادث والنوازل.
(والرحيم بي) بأنحاء العطايا والنوائل والمتكفل برزقي) فيه اعتراف بالنعم وشكر له وطلب للزيادة لأن الكريم إذا تكفل برزق أحد يؤتيه على وجه الكمال خصوصا بعد الطلب. (وفي قضائك وقدرتك كل ما أنا فيه) من الامور الحادثة، قال في النهاية: القضاء أصله القطع والفصل يقال قضى يقضي فهو قاض إذا حكم وفصل وقضاء الشيء إحكامه وإمضاؤه والفراغ منه فيكون بمعنى الخلق، وقال الأزهري: القضاء في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقطاع الشيء وإتمامه وكلما أحكم عمله أو أتم أو ختم أو أدى أو أوجب أو أعلم أو أنفذ أو أمضى فقد قضى وقد جاءت هذه المعاني كلها في الحديث ومنه القضاء المقرون بالقدر والمراد بالقدر التقدير وبالقضاء الخلق كقوله تعالى: (فقضاهن سبع سماوات في يومين) أي خلقهن والقضاء والقدر أمران متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر; لأن أحدهما بمنزلة الأساس وهو القدر، والثاني بمنزلة البناء وهو القضاء فمن رام الفصل بينهما رام هدم البناء ونقضه. (فليكن يا سيدي ومولاي) المراد بالمولى هنا الرب أو السيد أو المالك أو المنعم أو الناصر.
(فكن يا ذا الجلال عند أحسن ظني بك ورجائي لك) لما بسط الرجاء وأحسن ظنه به في قبوله طلب منه تعالى أن يحقق رجاءه ويصدق ظنه ومعنى حسن ظن العبد به أن لا يتكل بعمله وان اجتهد بل يظن أنه تعالى يقبله بفضله فيظن بالغفران حين يستغفر وبالقبول حين يتوب ويعمل