درجاتها وإنما فصله عما مر لأنه تأكيد لقوله «أعوذ بك».
(وأبدلني بالدنيا الفانية نعيم الدار الباقية) في القاموس بدل الشيء محركة الخلف منه وأبدله منه أي اتخذه بدلا منه وعلى هذا فقوله أبدلني من باب الحذف والإيصال أي أبدل لي والباء بمعنى من والحروف الجارة قد يقع بعض منها في موضع آخر والمطلوب هو التوفيق لرفض زوائد الدنيا والعمل بما يوجب نعيم الآخرة.
(اللهم إني أعوذ بك من أزلها وزلزالها) الأزل بالفتح والسكون الضيق والشدة وبالكسر والسكون الكذب والداهية والزلزال التحريك زلزله زلزلة وزلزالا مثلثة: حركه والزلزال البلايا كذا في القاموس. (وسطوات شياطينها وسلاطينها ونكالها) السطو والسطوة: الصولة والقهر والبطش.
والنكال بالفتح العقوبة التي تنكل الناس أي تنحيهم وتمنعهم عن فعل ما جعلت له جزاء.
(من بغي من بغى علي فيها) بغى عليه بغيا علا وظلم وعدل عن الحق وإستطال وكذب.
(اللهم من كادني فكده) الكيد المكر والخبث والخدعة والحيلة والمراد بكيده تعالى الجزاء من باب المشاكلة.
(ومن أرادني فأرده) أي من أرادني بالسوء فأرده بالدفع أو بإيصاله إليه والجزاء له على نحو ما مر. (وفل عني حد من نصب لي حده) الفل بفتح الفاء الكسر والثلم وفعله كمد. والحد الحدة والسورة. (وأطف عني نار من شب لي وقوده) الإطفاء الإذهاب، أطفأت النار أذهبت لهبها.
والشب الإيقاد شب النار أوقدها فتلألأ ضياء ونورا والوقود بالفتح الحطب والنار ولهبها وبالضم إيقادها أو الضمير للموصول والنار استعارة لما له من الصفات الذميمة المهلكة كالحقد والحسد والعداوة والغيظ والغضب والمقاتلة.
(واكفني مكر المكرة) طلب كفايته تعالى من مكرهم إظهارا للعجز وتفويضا للأمر إليه. (وافقأ عني عيون الكفرة) فقأ العين كمنع قلعها طلب منه تعالى صرف عيونهم عنه أو إذلالهم على سبيل الكناية. (واكفني هم من أدخل علي همه) الهم القصد وفي على دلالة على الضرر والمطلوب صرف قصده وإرادته عنه واحتمال إرادة الحزن والغم من الهم وجعل إضافته إلى ضمير الموصول لأدنى ملابسة بعيد. (وادفع عني شر الحسدة) الحاسد من يتمنى زوال النعمة عن الغير بالوصول إليه أو مطلقا وهو بتلك الخصلة الذميمة يتفكر في كيفية الإزالة ويتدبر في كل سبب من أسبابها ويتوسل بكل شيء من كل وجه وينبعث من ذلك شرور غير محصورة توجب خراب الديار والأعمار والأموال من غير أن يكون للمحسود شعور بذلك فالإلتجاء إليه تعالى لدفع شره من أهم الامور وأولاها.