من ثلاثين يوما الاخبار عما اتفق له من ذلك في مدة زمان فرض الله عليه بذلك دون ما يستقبل في الأوقات بعد تلك الأزمان، ويحتمل أن يكون لم يصم رسول الله صلى الله عليه وآله أقل من ثلاثين يوما على ما ادعاه المخالف من الكثرة دون القلة، والتغليب دون التقليل فكأنه قال لم يكن صام رسول الله صلى الله عليه وآله أقل من ثلاثين يوما على أغلب أحواله حسب ما ادعاه المخالفون، ويكون قوله ولا نقص شهر رمضان منذ خلق الله السماوات والأرض من ثلاثين يوما وثلاثين ليلة على الوجه الذي زعم المخالفون أن نقصانه عن ذلك أكثر من تمامه، وإذا أحتمل الكلام من المعنى في هذا الخبر ما ذكرناه حملناه على ذلك وجمعنا بينه وبين الأخبار المتواترة في جواز نقصان شهر رمضان عن ثلاثين يوما، ليقع الاتفاق والالتيام بين الاخبار عن الصادقين عليهم السلام، واما حديث محمد بن سنان عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص ابدا وفي الرواية الأخرى لا ينقص والله ابدا غير موجب لما ذهب إليه العدديون، وذلك أن قوله عليه السلام: شهر رمضان لا ينقص ابدا إنما أفاد أنه لا يكون ابدا ناقصا بل قد يكون حينا تاما وحينا ناقصا، ولو نقص ابدا لما تم في حال من الأحوال، وهذا مما لا يذهب إليه أحد من العقلاء، فان قال قائل: لو كان الامر على ما ذكرتم في تأويل هذا الحديث لما اختص شهر رمضان بذلك دون غيره، ولو لم يكن شهر رمضان مختصا من الشهور بأنه لا ينقص في حال لما تخصص الذكر له مما سواه. قيل له: لو كان الخبر بذلك جاء مبتدأ من غير سبب لكان لغوا كما ذكرت، لكنه لم يكن كذلك، بل كان لسبب أوجب تخصيص الذكر له، وهو ما ثبت في الحديث من أن قوما كذبوا على النبي صلى الله عليه وآله فزعموا أن الذي صامه من شهر رمضان في زمانه كان النقصان فيه أكثر من التمام، وان أكثر ما يكون شهر رمضان على النقصان، ثم قابلهم آخرون بضد مقالتهم
(١٧٠)