لا يمنع من اتفاق النقصان في شهرين وثلاثة على التوالي، وتمام ثلاثة أشهر وأربعة متواليات، فكيف يصح التعليل بمعنى لا يوجبه عقل ولا عادة ولا لسان، وكذلك التعليل لكون شهر رمضان ثلاثين يوما ابدا بكون الفرائض لا تكون ناقصة، لان نقصان الشهر عن ثلاثين يوما لا يوجب النقصان في فرض العمل فيه، وقد ثبت ان الله تعالى لم يتعبدنا بفعل الأيام ولا يصح تكليفنا فعل الزمان وإنما تعبدنا بالعمل في الأيام والفعل في الزمان فلا يكون إذا نقصان الزمان عن غيره بالإضافة نقصانا في العمل، ألا ترى ان من وجب عليه عمل في شهر معين فأداه في ذلك الشهر على ما حد له فيه من ابتدائه به من أوله وختمه إياه في آخره أنه يكون قد أكمل ما وجب عليه وإن كان الشهر ناقصا عن الكمال، واجمع المسلمون على أن المعتدة بالشهور إذا طلقها زوجها في أول شهر من الشهور فقضت ثلاثة أشهر فيها واحد على الكمال ثلاثون يوما واثنان منها كل واحد منهما تسعة وعشرون يوما انها تكون مؤدية لفرض الله تعالى عليها من العدة على كمال الفرض دون النقصان، ولا يكون نقصان الشهرين متعديا إلى الفرض فيها على المرأة من العدة على ما ذكرناه، ولو أن انسانا نذر لله تعالى صيام شهر يلي شهر قدومه من سفره أو برئه من مرضه، فاتفق كون الشهر الذي يلي ذلك تسعة وعشرين يوما فصامه من أوله إلى آخره لكان مؤديا إلى فرض الله تعالى فيه على الكمال ولم يكن نقصان الشهر مفيدا لنقصان الفرض الذي أداه فيه، والاعتلال أيضا في أن شهر رمضان لا يكون إلا ثلاثين يوما بقوله تعالى: (ولتكملوا العدة) يبطل ثبوته عن إمام هدى بما ذكرناه من كمال الفرض المؤدى فيما نقص من الشهر عن ثلاثين يوما، مع أن ظاهر القرآن يفيد بأن الامر بتكميل العدة إنما يتوجه إلى معنى القضاء لما فات من الصيام حيث يقول الله تعالى: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر
(١٧٣)