يوما لا ينقص ابدا وجهه ما ذكرناه من أنه لا يكون ناقصا ابدا حتى لا يتم حينا، والاعتلال لذلك بقوله تعالى: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) يؤكد هذا التأويل لأنه أفاد حصوله في زمن من الأزمان جاء بذكره القرآن ثلاثون يوما، فوجب بذلك انه لا يكون ناقصا ابدا بل قد يكون تاما وإن جاز عليه النقصان، والذي يدل على ما ذكرناه من جواز النقصان على ذي القعدة في بعض الأوقات ما رواه:
* (486) * 58 - علي بن مهزيار عن الحسين بن بشار عن عبد الله بن جندب عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ان الشهر الذي يقال إنه لا ينقص ذو القعدة ليس في شهور السنة أكثر نقصانا منه.
واما القول بأن السنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما من قبل ان السماوات والأرض خلقهن في ستة أيام اختزلت من ثلاثمائة وستين يوما، لا يوجب أن يكون شهرا منها بعينه ابدا ثلاثين يوما، بل يقتضي ان الستة أيام تتفرق في الشهور كلها على غير تفضيل وتعيين لما يكون ناقصا فيها مما يتفق كونه على التمام بدلا من كونه على النقصان.
واما القول بأن شهور السنة تختلف في الكمال والنقصان فيكون منها شهر تام وشهر ناقص، لا يوجب أيضا دعوى الخصم في شهر رمضان ما ادعاه، ولا في شعبان ما حكم به من نقصانه على كل حال، لأنها قد تكون على ما تضمنه الوصف من الكمال والنقصان لكنها لا تكون كذلك على الترتيب والنظام، بل لا ينكر أن يتفق فيها شهران متصلان على التمام وشهران متواليان على النقصان وثلاثة أشهر أيضا كما وصفناه، ويكون مع ما ذكرناه على وفاق القول بأن فيها شهرا ناقصا وشهرا تاما إذ ليس في صريح الحديث ذكر الاتصال ولا الانفصال.