كلمة المصحح نحمدك اللهم على ما أرشدتنا إلى صراطك الأقوم، وهديتنا إلى سبيلك بنبيك الأكرم، وغرست في قلوبنا محبة العترة الطاهرة والشجرة الطيبة التي أصلها ثابت و فرعها في السماء، وأمرتنا باتباعهم، وأنقذتنا بهم من شفا جرف الهلكات وأخرجتنا بنورهم من الظلمات، هداة الأبرار، ونور الأخيار، الذين أعلنوا دعوتك، و بينوا فرائضك، وأقاموا حدودك، ونشروا أحكامك، الذين يبلغون رسالاتك ولا يخشون أحدا إلا إياك، فصلواتك على نبيك وعليهم أجمعين.
أما بعد فإني منذ عهدي بالكتاب أتمنى أن أقوم بنشر بعض آثار شيخنا الصدوق - رحمه الله - فانتخب منها على كثرتها هذا الأثر النفيس وذلك لأهمية موضوعه بين كتبه، لأنه في بيان غرائب الأحاديث ومشكلات الاخبار عن لسان أئمة أهل البيت عليهم السلام، وكأنه بمنزلة القاموس في فهم كلماتهم، ومعاني ألفاظهم، ومغازي أخبارهم، وهو مما لم يسمح الدهر بمثله، ولم ينسج على منواله، ولا حرر على شاكلته ومثاله، وقل ما توجد فوائده في غيره. فصممت - ولله الحمد - على الشروع، وقمت بإخراجه وتصحيحه وتبيينه، وأعددته للطبع، لكن كثرة المشاغل عاقتني عن ذلك حتى آل الامر إلى أن جمع الله تعالى بيني وبين الأخ الألمعي والفاضل اللوذعي (مؤسس المكتبة الحجتية) الحاج الشيخ مهدي الحائري - دام علاه - بمدينة قم المشرفة، فجرى بيننا الكلام من نواحي شتى حتى استفسر عن مطبوعاتنا الحديثة وما مهدناه للطبع، فأخبرته بالكتاب فراقه ذلك وأعجبه، فحثني على القيام بشأنه وشوقني إلى إبرازه، فلبيت من غير تأخير رغبته، وهيأت بتوفيق الله أسباب الطبع وأهبته، وشرعت في المقصود، ولم آل جهدا في الترقين ولم أفرط سعيا في التبيين، وإني معترف بأن الذي خلق من عجل لا يسلم من الخطأ والزلل، فخرج الكتاب - بحول الله وطوله - بحيث يروق مظهره كل محدث ديني يطلب فهم حقائق كلمات الأئمة عليهم السلام. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.