معاني الأخبار - الشيخ الصدوق - الصفحة ترجمة المؤلف ١٧
(رحلته إلى الأمصار والبلدان) لاكتساب الفضائل وسماع الأحاديث عن المشايخ العظام ولد - رضي الله تعالى عنه - بقم (1)، ونشأ بها وتتلمذ على أساتذتها، وتخرج
(١) بلدة معروفة تسكنها الشيعة منذ عصرها القادم، وهي إلى الآن تكون مركزا لحملة العلم والحديث وموضعا لنشر علوم أهل البيت، صنف الحسن بن محمد بن الحسن القمي المتوفى ٣٧٨ المعاصر لشيخنا المترجم الصدوق والراوي عنه كتابه تاريخ قم في توصيفها وفصل الكلام فيما يتعلق بها جغرافيا وسياسيا وعلميا واقتصاديا، وعد في الباب السادس عشر علماء الشيعة في عصره ٢٦٦ شخصا، وعلماء العامة ١٤ شخصا، وأول من سكنها من الشيعة عبد الله والأحوص وعبد الرحمن وإسحاق ونعيم وهم بنو سعد بن مالك بن عامر الأشعري، نزلوها سوى سعد في يوم السبت أول الحمل من سنة ٩٤ الهجرية، وأما سعد فقد لحق بهم بعد أن باع ضياعها بكوفة بخمسين ألف مثقال من الذهب، وقد ذكرها علماء أخبار البلدان في كتبهم، قال اليعقوبي المتوفى حدود ٢٩٠ في كتاب البلدان ص ٣٨: ومدينة قم الكبرى يقال لها: منيجان وهي جليلة القدر، يقال: إن فيها ألف درب، وداخل المدينة حصن قديم للعجم، والى جانبها مدينة يقال لها: كمندان، ولها واد يجري فيه الماء بين المدينتين عليه قناطر المعقودة بحجارة يعبر عليها من مدينة منيجان إلى مدينة كمندان، وأهلها الغالبون عليها قوم من مذحج ثم من الأشعريين، وبها عجم قدم وقوم من الموالي يذكرون انهم موال لعبد الله بن العباس بن عبد المطلب - ثم ذكر أنهارها وقنواتها ورساتيقها إلى أن قال: - وخراجها أربعة آلاف وخمسمائة ألف درهم.
وذكرها الياقوت في معجم البلدان ٤: ٣٩٧ وفصل في أخبارها قال: هي مدينة اسلامية مستحدثة لا أثر للأعاجم فيها، وأول من مصرها طلحة بن الأحوص الأشعري، وبها آبار ليس في الأرض مثلها عذوبة وبردا - إلى أن قال: - وهي كبيرة حسنة طيبة وأهلها كلهم شيعة إمامية، وكان بدء تمصيرها في أيام الحجاج بن يوسف سنة 83، وذلك أن عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ابن قيس كان أمير سجستان من جهة الحجاج، ثم خرج عليه وكان في عسكره سبعة عشر نفسا من علماء التابعين من العراقيين، فلما انهزم ابن الأشعث ورجع إلى كابل منهزما كان في جملته أخوة يقال لهم: عبد الله والأحوص وعبد الرحمن وإسحاق ونعيم وهم بنو سعد بن مالك بن غامر الأشعري وقعوا إلى ناحية، وكان هناك سبع قرى اسم إحداها كمندان، فنزل هؤلاء الاخوة على هذه القرى حتى افتتحوها وقتلوا أهلها واستولوا عليها وانتقلوا واستوطنوها، واجتمع إليهم بنو عمهم، وصارت السبع قرى سبع محال بها، وسميت باسم إحداها وهي كمندان فأسقطوا بعض حروفها فسميت بتعريبهم قما، وكان متقدم هؤلاء الاخوة عبد الله بن سعد، وكان له ولد قد ربى بالكوفة، فانتقل منها إلى قم، وكان إماميا، فهو الذي نقل التشيع إلى أهلها، فلا يوجد بها سني قط، ومن ظريف ما يحكى أنه ولى عليهم وال وكان سنيا متشددا، فبلغه عنهم بلغني أنكم تبغضون صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنكم لبغضكم إياهم لا تسمون أولادكم بأسمائهم، وأنا أقسم بالله العظيم لئن لم تجيئوني برجل منكم اسمه أبو بكر أو عمر ويثبت عندي انه اسمه لأفعلن بكم ولأصنعن، فاستمهلوه ثلاثة أيام، وفتشوا مدينتهم واجتهدوا فلم يروا الا رجلا صعلوكا حافيا، عاريا أحول، أقبح خلق الله منظرا، اسمه أبو بكر لان أباه كان غريبا استوطنها فسماه بذلك، فجاؤوا به فشتمهم، وأقل: جئتموني بأقبح خلق الله تتنادرون على، وأمر بصفعهم، فقال له بعض ظرفائهم: أيها الأمير اصنع ما شئت، فان هواء قم لا يجئ منه من اسمه أبو بكر أحسن صورة من هذا، فغلبه الضحك وعفى عنهم اه. قلت: قد ذكر محمد بن الحسن في تاريخ قم وجها آخر لنزولهم قم، وذكر فيه علة المقاتلة التي وقعت بينهم فراجع. وذكر الشيخ الجليل عبد الجليل القزويني في كتاب النقص ص 163 وغيره جملا في أخبار قم وذكر جوامعها ومدارسها ومكاتبها واخبارا في فضلها وتراجم علمائها.