ج - كلمة حول الصحيفة السجادية الكاملة:
لا نبتعد عن الحقيقة إذا قلنا إنها كتاب لفظه دون كلام البارئ، وفوق ما يفوه به المخلوق، لما بلغه من قمة في بلاغة تعبيره، وعذب بيانه، وروعة تبيينه، و براعة وصفه، وجودة سبكه، وحسن فصاحته، وجزالة لفظه، وكيف لا يكون هكذا وسدته أنوار الوحي والنبوة، ولحمته أشعة علوم الإمامة، وإطاره رصانة العصمة.
حقا إنها أدعية رضيع الوحي، وعدل القرآن - في حديث الثقلين -: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام!
ترى! ألم ينصف من قال: إن صحيفته عليه السلام زبور آل محمد وإنجيل أهل البيت عليهم السلام؟ وهل ينفخ إلا في رماد من رام محاكاتها أو الاتيان بمثلها؟!
فهذا بعض بلغاء البصرة وقد ذكرت عنده الصحيفة الكاملة، فقال: خذوا عني حتى أملي عليكم مثلها! فأخذ القلم، وأطرق رأسه، فما رفعه حتى مات. (1) ولعمري لقد رام المحال، وعجز عن الاتيان بما قال، فآل إلى ما آل إليه المآل.
فأين هذا اللاهث وراء السراب من الألفاظ الإلهية القرآنية، والأفانين الفرقانية، والرموز السماوية، والأساليب الروحانية؟! أم أين هذا من التراث الرباني المحمدي العلوي الخالد الذي سيبقى على مر الدهور مصدر عطاء وإلهام، ونبراس هداية ونور، ومدرسة أخلاق وتهذيب و و و.؟!
ولعظم مكانة الإمام السجاد عليه السلام ولعلو شأن الأدعية الشريفة التي تضمنتها صحيفته المباركة، فقد انكب العلماء، وتهافت الباحثون في مختلف الأزمنة على شرحها وترجمتها - للفارسية والإنجليزية خاصة - وكتبوا عليها الحواشي والتعاليق، وعملوا لها الفهارس، ولو أتينا على ذكرها وتفصيلها لطال بنا المقام، لذلك سنطوي كشحا عنها، ونحيل القارئ العزيز لمراجعتها في مظانها سيما (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) باب " ت، ح، وش ". (2)