بسم الله الرحمن الرحيم 2 - التمهيد: أ - دعوة الله بين الزلفى إليه وسمو الروح:
الحمد لله الذي أزهر القلوب بدعائه، وأينع براعم الإيمان بندائه، وأوسق ثمار العقيدة بمناجاته، وهدانا بما أنزل من صحفه ورسالاته، فدعانا في محكم كتابه لدعائه، وجعله مفتاح الباب بينه وبين عبيده وإمائه، والصلاة والسلام على أشرف من دعاه من خلائقه و برياته أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله ومدينة علومه وحكمته، وعيبة كلماته، وعلى أهل بيت نبيه، كلماته وأبوابه، وحمله فرقانه، ومفاتيح رحمته و مقاليد مغفرته، وسحائب رضوانه، ومصابيح جنانه، وخزنة علمه، وحفظة سره، و مهبط وحيه، وموضع اصطفائه وطهارته، ومحل كرامته، أهل ولاء الله وولايته، من والاهم فقد والى الله، ومن عاداهم فقد عادى الله.
وبعد. فإن من منن الله ورأفته، ولطفه ونعمته، وعطفه وشفقته، أن جعل الدعاء وسيلة مقدسة يتقرب بها العبد إليه تعالى، فتسمو روحه إلى مدارج الكمال، وتنعق من كل ألوان العبودية لغير وجهه - رب العزة والجلال - فيسأله مخلصا كشف لأوائه، وتفريج غمه، وتنفيس كربه، وجلاء همه، فقال عز من قائل:
" ادعوني أستجب لكم " (1). وقال " واسألوا الله من فضله " (2). وقال " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي " (3).
فأي فضل أكبر من هذا؟! وأي نعمة تضاهي سماح الرب الجليل للعبد الذليل بمخاطبته ودعوته بما شاء، وأنى شاء، ومتى شاء، وكيف شاء في ابتغاء مرضاته، والتقرب إليه؟!
وحسبنا إذا أردنا الخوض في غمار قدسية الدعاء، وأهميته وضرورته، تقرب الأنبياء والأولياء والملائكة إلى الله تعالى به، فضلا عما فاضت به أخبار الفريقين حد التواتر.