للحب، واستودعتهم هوج الرياح تسحب عليهم أذيالها فوق مصارعهم في فلوات الأرض!
فتلك مغانيهم (23) وهذي قبورهم * توارثها أعصارها وحريقها (24) أيها المجتهد في آثار من مضى من قبلك من الأمم السالفة، توقف وتفهم وانظر أي عز ملك، أو نعيم أنس، أو بشاشة ألف إلا نغصت أهله قرة أعينهم، وفرقتهم أيدي المنون، وألحقتهم بتجافيف (25) التراب، فأضحوا في فجوات قبورهم يتقلبون، وفي بطون الهلكات عظاما ورفاتا (26) وصلصالا في الأرض هامدون.
وآليت (27) لا تبقي الليالي بشاشة (28) * ولا جدة إلا سريعا خلوقها وفي مطالع أهل البرزخ، وخمود تلك الرقدة، وطول تلك الإقامة، طفئت مصابيح النظر، واضمحلت غوامض الفكر، وذم الغفول أهل العقول، وكم بقيت متلذذا في طوامس (29) هوامد تلك الغرفات، فنوهت بأسماء الملوك، وهتفت بالجبارين، ودعوت الأطباء والحكماء، وناديت معادن الرسالة والأنبياء، أتململ تململ السليم (30) وأبكي بكاء الحزين، وأنادي ولات حين مناص! (31):
سوى أنهم كانوا فبانوا وأنني * على جدد قصد (32) سريعا لحوقها