فكيف يرقأ (17) دمع لبيب، أو يهدأ طرف متوسم (18) على سوء أحكام الدنيا، وما تفجأ به أهلها من تصرف الحالات، وسكون الحركات؟!
وكيف يسكن إليها من يعرفها، وهي تفجع الآباء بالأبناء وتلهي الأبناء عن الآباء؟! تعدمهم أشجان (19) قلوبهم، وتسلبهم قرة عيونهم.
وترمي قساوات القلوب بأسهم * وجمر فراق لا يبوخ (20) حريقها وما عسيت أن أصف من محن الدنيا، وأبلغ من كشف الغطاء عما وكل به دور الفلك من علوم الغيوب، ولست أذكر منها إلا قتيلا أفنته، أو مغيب ضريح تجافت عنه!
فاعتبر أيها السامع بهلكات الأمم، وزوال النعم، وفضاعة ما تسمع وترى من سوء آثارها في الديار الخالية، والرسوم الفانية، والربوع (21) الصموت.
وكم عالم (22) أفنت فلم تبك شجوه * ولا بد أن تفنى سريعا لحوقها فانظر بعين قلبك إلى مصارع أهل البذخ، وتأمل معاقل الملوك، ومصانع الجبارين، وكيف عركتهم الدنيا بكلاكل الفناء، وجاهرتهم بالمنكرات، وسحبت عليهم أذيال البوار، وطحنتهم طحن الرحى