الأخلاء؟! فزادني جليل الخطب لفقدهم جوى، وخانني الصبر حتى كأني أول ممتحن أتذكر معارف الدنيا وفراق الأحبة.
فلو رجعت تلك الليالي كعهدها * رأت أهلها في صورة لا تروقها (42) فمن أخص بمعاتبتي؟ ومن أرشد بندبتي؟ ومن أبكي، ومن أدع؟
أشجو بهلكة الأموات، أم بسوء خلف الأحياء؟! وكل يبعث حزني، ويستأثر بعبراتي، ومن يسعدني فأبكي وقد سلبت القلوب لبها، ورقا الدمع؟! وحق للداء أن يذوب على طول مجانبة الأطباء، وكيف بهم وقد خالفوا (43) الآمرين، وسبقهم زمان الهادين، ووكلوا إلى أنفسهم يتنسكون في الضلالات في دياجير الظلمات؟!
حيارى وليل القوم داج (44) نجومه * طوامس لا تجري بطئ خفوقها (45) وقد انتحلت (46) طوائف من هذه الأمة بعد مفارقتها أئمة الدين، والشجرة النبوية إخلاص الديانة، وأخذوا أنفسهم في مخائل الرهبانية، وتغالوا في العلوم، ووصفوا الاسلام (47) بأحسن صفاتهم (48) وتحلوا بأحسن السنة، حتى إذا طال عليهم الأمد، وبعدت عليهم الشقة (49) وامتحنوا بمحن الصادقين، رجعوا على أعقابهم ناكصين (50) عن سبيل الهدى وعلم النجاة، يتفسحون تحت