وخلوا عن الدنيا وما جمعوا لها وضمتهم تحت التراب الحفائر كم خرمت أيدي المنون، من قرون بعد قرون! وكم غيرت الأرض ببلائها، وغيبت في ترابها ممن عاشرت من صنوف وشيعتهم إلى الأرماس، ثم رجعت عنهم إلى عمل أهل الافلاس!:
وأنت على الدنيا مكب منافس * لخطابها فيها حريص مكاثر على خطر تمسي وتصبح لاهيا * أتدري بما ذا لو عقلت تخاطر؟
وإن امرء يسعى لدنياه دائبا * ويذهل عن أخراه لا شك خاسر فحتام على الدنيا إقبالك، وبشهواتها اشتغالك؟ وقد وخطك القتير وأتاك النذير، وأنت عما يراد بك ساه، وبلذة يومك وغدك لاه، وقد رأيت انقلاب أهل الشهوات، وعاينت ما حل بهم من المصيبات.
وفي ذكر هول الموت والقبر والبلى * عن اللهو واللذات للمرء زاجر أبعد اقتراب الأربعين تربص * وشيب قذال منذر للكابر؟! (1) كأنك معني بما هو ضائر * لنفسك عمدا عن الرشد حائر أنظر إلى الأمم الماضية، والملوك الفانية، كيف اختطفتهم عقبان الأيام، ووافاهم الحمام فانمحت من الدنيا آثارهم،