وبقيت فيها أخبارهم، وأضحوا رمما في التراب إلى يوم الحشر والمآب!:
أمسوا رميما في التراب وعطلت * مجالسهم منهم وأخلت مقاصر وحلوا بدار لا تزاور بينهم * وأنى لسكان القبور التزاور؟!
فما أن ترى إلا قبورا ثووا بها * مسطحة تسفي عليها الأعاصر كم من ذي منعة وسلطان، وجنود وأعوان، تمكن من دنياه، ونال ما تمناه، وبنى فيها القصور والدساكر، وجمع فيها الأموال والذخائر، وملح السراري (2) والحرائر!:
فما صرفت كف المنية إذا أتت * مبادرة تهوي إليه الذخائر ولا دفعت عنه الحصون التي بنى * وحفت بها أنهاره والدساكر ولا قارعت عنه المنية خيلة * ولا طمعت في الذاب عنه العساكر أتاه من الله ما لا يرد، ونزل به من قضائه ما لا يصد، فتعالى الله الملك الجبار المتكبر العزيز القهار، قاصم الجبارين، ومبيد المتكبرين، الذي ذل لعزه كل سلطان، وأباد بقوته كل ديان:
مليك عزيز لا يرد قضاؤه * حكيم عليم نافذ الأمر قاهر عنا كل ذي عز لعزة وجهه * فكم من عزيز للمهيمن صاغر لقد خضعت واستسلمت وتضاءلت * لعزة ذي العرش الملوك الجبابر