لقد خشعت واستسلمت وتضاءلت * لعزة ذي العرش الملوك الجبابر فالبدار البدار (18) والحذار الحذار من الدنيا ومكائدها، وما نصبت لك من مصائدها، وتجلى لك من زينتها، واستشرف لك من فتنها:
وفي دون ما عاينت من فجعاتها * إلى رفضها داع وبالزهد آمر فجد ولا تغفل فعيشك زائل * وأنت إلى دار المنية صائر ولا تطلب الدنيا فإن طلابها * وإن نلت منها غبة (19) لك ضائر فهل يحرص عليها لبيب؟ أو يسر بلذتها أريب (20)؟ وهو على ثقة من فنائها، وغير طامع في بقائها، أم كيف تنام عين من يخشى البيات (21)؟
أو تسكن نفس من يتوقع الممات:
ألا لا ولكنا نغر نفوسنا * وتشغلنا اللذات عما نحاذر وكيف يلذ العيش من هو موقن * بموقف عدل حين تبلى السرائر كأنا نرى أن لا نشور (22) وأننا * سدى مالنا بعد الفناء مصائر وما عسى أن ينال طالب الدنيا من لذتها، ويتمتع به من بهجتها، مع فنون مصائبها، وأصناف عجائبها، وكثرة تعبه في طلابها، وتكادحه في اكتسابها، وتكابده من أسقامها وأوصابها (23):
وما إربتي (24) في كل يوم وليلة * يروح علينا صرفها (25) ويباكر