الحجاز عن طريق البحر فرارا من القتل، وبخاصة عندما علم بأنه من جملة العشرة الذين أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقتلهم وإهدار دمهم.
فطلب عمير بن وهب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يعفو عنه، فقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) شفاعته، وأعطاه عمامته ليدخل بها مكة كعلامة أمان من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ويصطحب معه إلى مكة صفوان بن أمية، فذهب عمير إلى جدة وأخبر صفوان بذلك، وقدم به مكة على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلما وقعت عينا رسول الله على كبير المجرمين بل أكبرهم يومئذ قال له ردا عليه لما سأله قائلا " إن عمير يزعم أنك أمتني ": صدقت، إنزل أبا وهب.
ثم دعاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى الإسلام، فقال: اجعلني بالخيار شهرين، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت بالخيار في أربعة أشهر، وبهذا أمهله رسول الله (صلى الله عليه وآله) أربعة أشهر كفرصة يفكر فيها في الإسلام ودعوة النبي. (1) ولعل الألطف من هذه القصة قصة دخول سهيل بن عمر الإسلام، قال:
لما دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكة وظهر، إنقحمت بيتي وأغلقت علي بابي، وأرسلت إلى ابني عبد الله بن سهيل أن أطلب لي جوارا من محمد، وإني لا آمن أن أقتل، وجعلت أتذكر أثري عند محمد وأصحابه؛ فليس أحد أسوأ أثرا مني....
فذهب عبد الله بن سهيل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله، تؤمنه؟ فقال: نعم، هو آمن بأمان الله، فليظهر، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمن حوله: من لقي سهيلا فلا يشد النظر إليه، فليخرج؛ فلعمري إن سهيلا له عقل وشرف، وما مثل سهيل جهل الإسلام، ولقد رأى ما كان يوضع فيه أنه لم يكن له بنافع! فخرج عبد الله إلى أبيه فأخبره بمقالة رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ فقال سهيل: كان والله برا؛ صغيرا وكبيرا.