في شرح التحرير. تأمل، ثم إن ما ذكر هنا من استحقاقه محذورا دون العقوبة بالنار مخالف لما قدمه الشارح آنفا، وجزم به ابن الهمام في التحرير من أنه يستحق العقوبة بالنار، إلا أن يقال: ما مر خاص بقول محمد بناء على أن المكروه عنده من الحرام، وما هنا على قولهما بأن إلى الحرام أقرب، وهذا يفيد أن الخلاف ليس لفظيا وهو خلاف ما قدمناه عن التحرير، ولذا نقل أبو السعود عن المقدسي أن حاصل الخلاف أن محمدا جعله حراما لعدم قاطع بالحل، وجعلاه حلالا لأنه الأصل في الأشياء ولعدم القاطع بالحرمة اه. ولا تنافي الكراهة الحل لما في القهستاني عن خلع النهاية. كل مباح حلال بلا عكس، كالبيع عند النداء فإنه حلال غير مباح لأنه مكروه.
وفي التلويح: ما كان تركه أولى فمع المنع عن الفعل بدليل قطعي حرام، وبظني مكروه تحريما، وبدون منع مكروه تنزيها، وهذا على رأي محمد. وعلى رأيهما ما تركه أولى فمع المنح حرام، وبدونه مكروه. تنزيها لو إلى الحل أقرب، وتحريما لو إلى الحرام أقرب اه. فأفاد أنه ممنوع عن فعل عنده لا عندهما، وبه يظهر مساواته للسنة المؤكدة على رأيهما في اتحاد الجزاء بحرمان الشفاعة، والمراد والله تعالى أعلم الشفاعة برفع الدرجات أو بعمد دخول النار لا الخروج منها، أو حرمان مؤقت، أو أنه يستحق ذلك، فلا ينافي وقوعها. وبه اندفع ما أورد أنه ليس فوق مرتكب الكبيرة في الجرم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي كما ذكره حسن جلبي في حواشي التلويح، وتمامه في حواشينا على المنار. قوله: (الاكل للغذاء إلخ) وكذا ستر العورة وما يدفع الحر والبرد شرنبلالية. قوله: (ولو من حرام) فلو خاف الهلاك عطشا وعنده خمر له شربه قدر ما يدفع العطش إن علم أنه يدفعه. بزازية. ويقدم الخمر على البول. تاترخانية. وسيأتي تمام الكلام فيه. قوله: (أو ميتة) عطف خاص على عام. قوله: (وإن ضمنه) لان الإباحة للاضطرار لا تنافي الضمان.
وفي البزازية: خاف الموت جوعا ومع رفيقه طعام أخذ بالقيمة منه قدر ما يسد جوعته، وكذا يأخذ قدر ما يدفع العطش، فإن امتنع قاتله بلا سلاح، فإن خاف الرفيق الموت جوعا أو عطشا ترك له البعض، وإن قال له آخر اقطع يدي وكلها لا يحل، لان لحم الانسان لا يباح في الاضطرار لكرامته.
قوله: (يثاب عليه إلخ) قال في الشرنبلالية عن الاختيار: قال (ص): إن الله ليؤجر في كل شئ حتى اللقمة يرفعها العبد إلى فيه فإن ترك الأكل والشرب حتى هلك فقد عصى، لان فيه إلقاء النفس إلى التهلكة وإنه منهي عنه في محكم التنزيل اه. بخلاف من امتنع عن التداوي حتى مات إذ لا يتيقن بأنه يشفيه كما في الملتقى وشرحه. قوله: (مفاده إلخ) أي مفاد قوله ومأجور عليه فإن ظاهره أنه مندوب وبه صرح في متن الملتقى فيفيد جواز الترك. قوله: (كما في الملتقى) هو ما يذكره قريبا حيث قال: ولا تجوز الرياضة بتقليل الاكل حتى يضعف عن أداء العبادة. قوله: (قلت إلخ) تأييد لقوله لم يجز. قوله: (فتنبه) إشارة إلى المؤاخذة على المصنف وعلى ما ذكره في الملتقى أولا. قوله: