مقتضى إطلاق الهداية وغيرها عدمه، وبه أفتى الجد في الإسرائيلي، وشرط في المستصفى لحل مناكحتهم عدم اعتقاد النصراني ذلك. وفي المبسوط: ويجب أن لا يأكلوا ذبائح أهل الكتاب إن اعتقدوا أن المسيح إله وأن عزيا إله، ولا يتزوجوا بنسائهم، لكن في مبسوط شمس الأئمة: وتحل ذبيحة النصارى مطلقا سواء قال ثالث ثلاثة أو لا، ومقتضى الدلائل الجواز كما ذكره التمرتاشي في فتاواه، والأولى أن لا يأكل ذبيحتهم ولا يتزوج منهم إلا للضرورة كما حققه الكمال ابن الهمام اه.
وفي المعراج أن اشتراط ما ذكر في النصارى مخالف لعامة الروايات. قوله: (إلا إذا سمع منه عند الذبح ذكر المسيح) فلو سمع منه ذكر الله تعالى لكنه عنى به المسيح قالوا يؤكل، إلا إذا نص فقال باسم الله الذي هو ثالث ثلاثة. هندية. وأفاد أنه يؤكل إذا جاء به مذبوحا. عناية. كما إذا ذبح بالحضور وذكر اسم الله تعالى وحده. قوله: (ولو الذابح مجنونا) كذا في الهداية، والمراد به المعتوه كما في العناية عن النهاية لان المجنون لا قصد له ولا نية، لان التسمية شرط بالنص وهي بالقصد وصحة القصد بما ذكرنا: يعني قوله إذا كان يعقل التسمية والذبيحة ويضبط اه. ويضبط اه. ولذا قال في الجوهرة: لا تؤكل ذبيحة الصبي الذي لا يعقل والمجنون والسكران الذي لا يعقل اه. شرنبلالية، لكن في التبيين: لو سمى ولم تحضره النية صح اه. فيفيد أنه لا حاجة إلى التأويل كذا قيل، وفيه نظر لقول الزيلعي بعده لان ظاهر حاله يدل على أنه قصد التسمية على الذبيحة اه. فإن المجنون المستغرق لا قصد له، فتدبر. قوله: (يعقل التسمية إلخ) زاد في الهداية - ويضبط، وهما قيد لكل المعطوفات السابقة واللاحقة، إذا الاشتراك أصل في القيود، كما تقرر. قهستاني. فالضمير فيه للذابح المذكور في قوله وشرط كون الذابح لا للصبي كما وهم.
واختلف في معناه، ففي العناية قيل: يعني يعقل لفظ التسمية، وقيل يعقل أن حل الذبيحة بالتسمية ويقدر على الذبح ويضبط: أي يعلم شرائط الذبح من فرى الأوداج والحلقوم اه.
ونقل أبو السعود عن مناهي الشرنبلالية أن الأول الذي ينبغي العمل به، لان التسمية شرط فيشترط حصوله لا تحصيله، فلا يتوقف الحل على علم الصبي أن الذبيحة إنما تحل بالتسمية اه.
وهكذا ظهر لي قبل أن أراه مسطورا، ويؤيده ما في الحقائق والبزازية: لو ترك التسمية ذاكرا لها غير عالم بشرطيتها فهو في معنى الناسي اه. قوله: (أو أقلف) هو الذي لم يختن وكذا الأغلف. وذكره احترازا عما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يكره ذبيحته. إتقاني. قوله: (أو أخرس) مسلما أو كتابيا، لان عجزه عن التسمية لا يمنع صحة ذكاته كصلاته. إتقاني. قوله: (لا تحل ذبيحة غير كتابي) وكذا الدروز كما صرح به الحصني من الشافعية، حتى قال: لا تحل القريشة المعمولة من ذبائحهم وقواعدنا توافقه، إذ ليس لهم كتاب منزل ولا يؤمنون بنبي مرسل. والكتابي من يؤمن بنبي ويقر بكتاب. رملي.
أقول: وفي بلاد الدروز كثير من النصارى، فإذا جئ بالقريشة أو الجبن من بلادهم لا يحكم بعدم الحل ما لم يعلم أنها معمولة بأنفحة ذبيحة درزي، وإلا فقد تعمل بغير إنفحة، وقد يذبح الذبيحة نصراني. تأمل. وسيأتي عن المصنف آخر كتاب الصد أن العلم يكون الذابح أهلا للذكاة ليس بشرط،