فيها من جانب العامل لا الشجر، لان استئجار الشجر لا يجوز كما مر، فالعامل في الحقيقة أجير لرب الشجر بجزء من الخارج، ولا شيوع في العامل بل الشيوع في الأجرة فلم يوجد هنا إجارة المشاع التي فيها الخلاف، فتدبر.
على أنه ذكر في التاترخانية في الفصل الخامس ما نصه: إذا دفع النخيل معاملة إلى رجلين: يجوز عند أبي يوسف، ولا يجوز عند أبي حنيفة وزفر، ولو دفع نصف النخيل معاملة لا يجوز اه. فإن كان المراد أن النخيل كله للدافع كما هو المتبادر فعدم الجواز فيه يدل على عدم الجواز في المشترك بالأولى، بل يفيد عدم الجواز ولو بإذن الشريك كما لا يخفى على المتأمل، وإن كان المراد أن النخيل مشترك ودفع أحدهما لأجنبي فالامر أظهر، فتعين ما قلناه وثبت أن مساقاة الشريك لأجنبي ولو بإذن الشريك الآخر لا تصح كمساقاة أحد الشريكين للآخر، هذا ما ظهر لفهمي القاصر، والله أعلم. قوله: (لأنه شريك إلخ) هذا يوضح لك ما أردناه على الحيلة التي نقلها عن صدر الشريعة. قوله: (فيقع العمل لنفسه) أي أصالة ولغيره تبعا ط. قوله: (وما للمساقي إلخ) فلو ساقى بلا إذن فالخارج للمالك كما أفتى به في الحامدية.
قال في الذخيرة: دفع إليه معاملة ولم يقل له اعمل برأيك فدفع إلى آخر فالخارج لمالك النخيل وللعامل أجر مثله على العامل الأول بالغا ما بلغ، ولا أجر للأول لأنه لا يملك الدفع، إذ هو إيجاب الشركة في مال الغير، وعمل الثاني غير مضاف إليه لأن العقد الأول لم يتناوله، ولو هلك الثمر في يد العامل الثاني بلا عمله وهو على رؤوس النخيل لا يضمن وإن من عمل الأجير في أمر يخالف فيه أمر الأول يضمن لصاحب النخيل العامل الثاني لا الأول، وإن هلك من عمله في أمر لم يخالف أمر الأول فلرب النخيل أن يضمن أيا شاء، وللأخير إن ضمنه الرجوع على الأول اه. ومثله في التاترخانية والبزازية، وبه أفتى العلامة قاسم، ونقله عن عدة كتب، فتنبه لذلك فإنه خفي على كثيرين.
بقي أنه لم يبين حكم المزارع، وذكر في الذخيرة وغيرها أنه على وجهين: الأول أن يكون البذر من رب الأرض، فليس للمزارع دفعها مزارعة إلا بإذن ولو دلالة، لان فيه اشتراك غيره في مال رب الأرض بلا رضاه. والثاني أن يكون من المزارع فله الدفع ولو بلا إذن لأنه يشرك غيره في ماله، وتفاصيل المسألة طويلة فلتراجع. قوله: (وأي شياه إلخ) هي الشاة التي ندت خارج المصر ولا يقدر على أخذها يكفي فيها الجرح في أي مكان مع التسمية كالصيد، والمراد بالكفر الستر، سمي الزارع كافرا لأنه يستر الحب، فكل مزارع ومساق إذا بذر يكفر: أي يستر، شرنبلالي. وفي كون المساقي يستر نظر، فتدبر والله تعالى أعلم.