وفي التاترخانية: استأجر قبة لنصبها في بيته شهرا بخمسة دراهم جاز وإن لم يسم مكان النصب، ولو نصبها في الشمس أو المطر وكان فيه ضرر عليها ضمن ولا أجر، وإن سلمت عليه الاجر استحسانا، وإن نصبها في دار أخرى في ذلك المصر لا يضمن، وإن أخرجها إلى السواد لا أجر سلمت أو هلكت، ولو استأجر فسطاطا يخرج به إلى مكة أن يستظل بنفسه وبغيره لعدم التفاوت، ولو انقطع أطنابه وانكسر عموده فلم يستطع نصبه لا أجر، وإن اختلفا في مقدار الانتفاع فالقول للمستأجر وإن في أصله حكم الحال كمسألة الطاحون، وتمامه فيها. قوله: (له أن يسكن غيره) أي غير ذلك الواحد. وفي شرح الزيلعي أول الباب: وله: أي للمستأجر أن يسكن غيره معه أو منفردا، لان كثرة السكان لا تضر بها بل تزيد في عمارتها، لان خراب المسكن بترك السكن اه. وقدمنا أن له ذلك وإن شرط أن يسكن وحده منفردا، فما قيل إن سكنى الواحد ليس كسكنى الجماعة بحث معارض للمنقول وإن كان ظاهرا، لكن قد يقال:
معنى كلامهم أن له أن يسكن غيره في بقية بيوت الدار، لأنه إذا سكن في بيت منها وترك الباقي خاليا يلزم الضرر لعدم تفقده من وكف المطر ونحوه بما يخر بها. تأمل. قوله:
(لما مر) أي أول الباب. قوله: (ككر بر) الكر قدر، والبر نوع. والكر: ستون قفيزا. وثمانية مكاكيك. والمكوك: صاع ونصف، فيكون اثني عشر وسقا. مصباح. وهذا عند أهل بغداد والكوفة. ط عن الحموي. قوله: (له حمل مثله) أي في الضرر بشرط التساوي في الوزن، وما في الدرر من قوله: وإن تساويا في الوزن، قال الشرنبلالي: الواو فيه زائدة. قوله: (مقدرة) أي معينة قدرا دخل فيه زراعة الأرض إذا عين نوعا للزراعة له أن يزرع مثله أخف لا أضر كما في البحر. قوله: (أو مثلها) كما لو حمل كر بر لغيره بدل كر بر. قال في البحر: وغلط من مثل بالشعير، للمثل، لأنه يلزم عليه أنه لو استأجرها لحمل كر شعير له أن يحمل كر حنطة، وليس كذلك لأنه فوقه. قوله: (أو دونها) ككر شعير بدل كر بر لأنه أخف وزنا. قوله: (ومنه) أي مما لم يخرج. قوله: (لا شعيرا في الأصح) أي لو عين قدرا من الحنطة فحمل مثل وزنه شعيرا جاز، فلا يضمن لو عطبت استحسانا وهو الأصح، لان ضرر الشعير في حق الدابة عند استوائهما وزنا أخف من ضرر الحنطة، لأنه يأخذ من ظهر الدابة أكثر مما تأخذه الحنطة فيكون أخف عليها بالانبساط، بخلاف ما إذا حمل مثل وزن الحنطة قطنا لأنه يأخذ من ظهرها أكثر من الحنطة وفيه حرارة فكان أضر عليها من الحنطة، فصار كما إذا حمل عليها تبنا أو حطبا، وكذا لو حمل مثل وزنها حديدا أو ملحا لأنه يجتمع في مكان واحد من ظهرها فيضرها، فحاصله متى كان ضرر أحدهما فوق ضرر الآخر من وجه لا يجوز وإن كان أخف ضررا من وجه آخر. كذا أفاده الزيلعي. أقول: ولم يذكر ما يضمن في هذه الأوجه.
وحاصل ما في البدائع: أن الخلاف الموجب للضمان إما في الجنس أو في القدر أو الصفة، فالأول: كما إذا استأجرها لحمل كر شعير فحمل كر حنطة يضمن كل القيمة لأنها جنس آخر وأثقل فصار غاصبا ولا أجر لأنهما لا يجتمعان. والثاني: كما إذا استأجرها ليحمل عشرة أقفزة حنطة فحمل أحد عشر، فإن سلمت لزم المسمى وإلا ضمن جزءا من أحد عشر جزءا من قيمتها. والثالث: كما إذا استأجرها ليحمل مائة رطل قطن فحمل مثل وزنه أو أقل حديدا يضمن قيمتها، لان الضرر ليس للثقل فلم يكن مأذونا، ولا أجر لما قلنا، وسيأتي تمامه. قوله: (ولو أردف) الرديف: من تحمله خلفك