ما مرت الإشارة إليه قبل هذا الباب من أن ما في الفتاوى مخالف لما في الشروح بل ولما في المتون، وقدمنا عن المصنف هناك أنه يشمل الملك والوقف. قوله: (إن بأجر) بأن يعقد لبقائهما عقد إجارة بشروطها ط. قوله: (فلهما) مرتبط بقوله: وإلا فإعارة ط: أي لأنه لو كان الترك بأجر لم يبق لرب الأرض مدخل. قوله: (المسبلة) قال الرملي: تقدم في كتاب الوقف أن السبيل هو الوقف على العامة.
قوله: (إلى آخره) تمام عبارة القنية: ويجوز للمستأجر غرس الأشجار والكروم في الموقوفة إذا لم يضر بالأرض بدون صريح إذن من المتولي دون حفر الحياض، وإنما يحل للمتولي الاذن فيما يزيد به الوقف خيرا، وهذا إذا لم يكن له قرار العمارة فيها، أما إذا كان فيجوز الحفر والغرس والحائط من ترابها لوجود الاذن في مثلها دلالة اه. بحر. قوله: (ولو استأجر أرض وقف) قيد بالوقف، لما في الخيرية عن حاوي الزاهدي عن الاسرار من قوله: بخلاف ما إذا استأجر أرضا ملكا ليس للمستأجر أن يستبقيها كذلك إن أبى المالك إلا القلع، بل يكلفه على ذلك إلا إذا كانت قيمة الغراس أكثر من قيمة الأرض فيضمن المستأجر قيمة الأرض للمالك فيكون الاغراس والأرض للغارس، وفي العكس يضمن المالك قيمة الاغراس فتكون الأرض والأشجار له، وكذا الحكم في العارية اه. قوله: (وبنى) الواو بمعنى أو ط. قوله: (كذا في القنية) الإشارة لجميع ما ذكره المصنف، وأفتى به في الخيرية قائلا:
وأنت على علم أن الشرع يأبى الضرر خصوصا والناس على هذا، وفي القلع ضرر عليهم، وفي الحديث الشريف عن النبي المختار: لا ضرر ولا ضرار اه. وأفتى به في الحامدية، لكنه في الخيرية أفتى في موضع آخر بخلافه، وقال: يقلع وتسلم الأرض لناظر الوقف كما صرحت به المتون قاطبة اه.
أقول: وحيث كان مخالفا للمتون فكيف يسوغ الافتاء به مع أنه من كلام القنية، ولا يعمل بما فيها إذا خالف غيره كما صرح به ابن وهبان وغيره، وما في المتون قد أقره الشراح وأصحاب الفتاوى، وإنما اختلفوا في تملك المؤجر البناء والغرس جبرا على المستأجر كما مر، وحيث قدم ما في الشروح على ما تفق عليه أصحاب الفتاوى في تلك المسألة، فما اتفق عليه الكل أولى بالتقديم، فليت المصنف لم يذكره في متنه وما أجاب به أبو السعود في حاشية مسكين بأن ما في القنية مفروض فيما إذا اشترط الاستبقاء، وما مر في المتن من اشتراط رضا المؤجر فيما إذا لم يشترط الاستبقاء لا ينفي المخالفة، لان ما في المتون مطلق ومفاهيمها حجة، ما أنه قد يقال: هذا الشرط مفسد لما فيه من نفع