حاشية رد المحتار - ابن عابدين - ج ٦ - الصفحة ٣٠٧
أقول: وسيأتي في الباب الآتي أن للمستأجر استبقاء البناء والغرس بعد مضي المدة بأجر المثل جبرا إن لم يضر بالوقف، وهذا مخالف لما تقدم عن الشروح، ولما تقدم عن الفتاوى أيضا، ولما يأتي عن المتون كما سننبه عليه إن شاء الله تعالى.
تنبيه مهم: إذا أذن القاضي أو الناظر عند من لا يرى الاحتياج إلى إذن القاضي للمستأجر بالبناء ليكون دينا على الوقف حيث لا فاضل من ريعه وهو ما يسمونه في ديارنا بالمرصد فالبناء يكون للوقف، فإذا أراد الناظر إخراجه يدفع له ما صرفه في البناء، ثم لا يخفى أنه يزيد أجر المثل بسبب البناء، فالظاهر أنه يلزمه إتمام أجر المثل.
والفرق بين هذا وما تقدم عن الأشباه أن البناء هنا للوقف فلم يزد بسبب ملكه. ثم رأيت في الفتاوى الخيرية التصريح في ضمن سؤال طويل بلزوم أجر المثل بالغا ما بلغ قبل العمارة وبعدها والرجوع بما صرفه فراجعه. والواقع في زماننا أنه يستأجر بدون أجر المثل بكثير ويدفع بعض الأجرة ويقتطع بعضها من العمارة.
وقد يقال: لجوازه وجه. وذلك أنه لو أراد آخر أن يستأجره ويدفع للأول ما صرفه على العمارة لا يستأجره إلا بتلك الأجرة القليلة. نعم لو استغنى الوقف ودفع الناظر ما للأول فإن كل أحد يستأجره بأجر مثله الآن، فما لم يدفع الناظر ذلك تبقى أجرة المثل تلك الأجرة القليلة، فلا فرق حينئذ بين العمارة المملوكة للمستأجر وبين هذه.
مطلب في المرصد والقيمة ومشد المسكة ورأيت في وقف الحامدية عن فتاوى الحانوتي: شرط جواز إجارة الوقف بدون أجر المثل إذا نابه نائبة أو كان دين الخ، فهذا مؤيد لما قلنا، إذ لا شك أن المرصد دين على الوقف تقل أجرته بسببه، فتأمل. وفي شرح الملتقى عن الأشباه: ولا يؤجر الوقف إلا بأجر المثل إلا بنقصان يسير، أو إذا لم يرغب فيه إلا بالأقل اه‍. تأمل. ومثل هذا يقال في الكدك، وهو ما يبنيه المستأجر في حانوت الوقف ولا يحسبه على الوقف فيقوم المستأجر بجميع لوازمه من عمارة وترميم وإغلاق ونحو ذلك ويبيعونه بثمن كثير، فباعتبار ما يدفعه المستأجر من هذا الثمن الكثير وما يصرفه في المستقبل على أرض الوقف تكون أجرة المثل تلك الأجرة القليلة التي يدفعونها، وقد تكون أصل عمارة الوقف من صاحب الكدك يأخذها منه الواقف ويعمر بها ويجعلها للمستأجر ويؤجره بأجرة قليلة وهو المسمى بالخلو، ومثله يقال في القيمة ومشد المسكة في البساتين ونحوها، وهي عبارة عن القمامة والكراب وما يزرعه مما تبقى أصوله ونحو ذلك وحق الغرس والزرع فإنها تباع بثمن كثير، فبسببها تزيد أجرة الأرض زيادة كثيرة، وهذه أمور حادثة تعارفوا عليها.
وفي فتاوى العلامة المحقق عبد الرحمن أفندي العمادي مفتي دمشق جوابا لسؤال عن الخلو المتعارف بما حاصله: أن الحكم العام قد يثبت بالعرف الخاص عند بعض العلماء كالنسفي وغيره، ومنه الأحكار التي جرت بها العادة في هذه الديار، وذلك بأن تمسح الأرض وتعرف بكسرها ويفرض على قدر من الأذرع مبلغ معين من الدراهم ويبقى الذي يبني فيها يؤدي ذلك القدر في كل سنة من غير إجارة كما ذكره في أنفع الوسائل فإذا كان بحيث لو رفعت عمارته لا تستأجر بأكثر تترك في يده بأجر المثل، ولكن لا ينبغي أن يفتي باعتبار العرف مطلقا خوفا من أن ينفتح باب القياس عليه في كثير
(٣٠٧)
مفاتيح البحث: دمشق (1)، الغنى (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الشهادات 3
2 باب القبول وعدمه 15
3 باب الاختلاف في الشهادة 37
4 باب الشهادة على الشهادة 44
5 باب الرجوع عن الشهادة 50
6 كتاب الوكالة 56
7 باب الوكالة بالبيع والشراء 63
8 باب الوكالة بالخصومة والقبض 78
9 باب عزل الوكيل 86
10 كتاب الدعوى 92
11 باب التحالف 111
12 باب دعوى الرجلين 123
13 باب دعوى النسب 135
14 كتاب الاقرار 144
15 باب الاستثناء وما معناه 162
16 باب إقرار المريض 167
17 فصل في مسائل شتى 179
18 كتاب الصلح 188
19 كتاب المضاربة 208
20 باب المضارب يضارب 215
21 كتاب الايداع 227
22 كتاب العارية 243
23 كتاب الهبة 255
24 باب الرجوع في الهبة 268
25 كتاب الإجارة 283
26 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها أي في الإجارة 309
27 باب الإجارة الفاسدة 328
28 باب ضمان الأجير 348
29 باب فسخ الإجارة 362
30 مسائل شتى 375
31 كتاب المكاتب 386
32 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله 391
33 باب كتاب العبد المشترك 400
34 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 402
35 كتاب الولاء 410
36 كتاب الاكراه 420
37 كتاب الحجر 436
38 كتاب المأذون 450
39 كتاب الغصب 475
40 كتاب الغصب 475
41 كتاب الشفعة 518
42 باب طلب الشفعة 526
43 باب ما تثبت هي فيه أو لا تثبت 540
44 باب ما يبطلها 544
45 كتاب القسمة 559
46 كتاب المزارعة 582
47 كتاب الذبائح 604
48 كتاب الأضحية 624
49 كتاب الحظر والإباحة 651
50 باب الاستبراء وغيره 691
51 كتاب إحياء الموات 754