كتاب الإجارة، وسيجئ أيضا حمل ما في الأشباه على ما لو استأجر عينا بعضها فارغ وبعضها مشغول: يعني وفي تفريغ المشغول ضرر فلا ينافي ما في الوهبانية. قوله: (ومقيلا ومراحا) عطف على قوله: للبناء. مثل قوله تعالى: * (لتركبوها وزينة) * (النحل: 8)، والمقيل: مكان القيلولة، والمراح بالضم:
مأوى الماشية، والمراد بهما هنا المصدر الميمي ليصح جعلهما مفعولا لأجله، ثم هذا ذكره صاحب البحر بحثا وتبعه الطوري وأفتى به الشهاب الشلبي والحانوتي، ويراد به إلزام الأجرة بالتمكن من الأرض شملها الماء وأمكن زراعتها أو لا. قال: ولا شك في صحته لأنه لم يستأجرها للزراعة بخصوصها حتى يكون عدم ريها فسخا لها، وأطال فوقف الأشباه في الاستدلال على ذلك، ونقل الحموي أنه توقف في صحتها بعضهم وأطال أيضا فراجعهما. قوله: (أمكن زراعتها أم لا) هذا فيما لم يستأجرها للزرع فلو له لا بد من إمكانه كما مر ويأتي، فتنبه. قوله: (قلعهما) أي إلا أن يكون في الغرس ثمرة فيبقى بأجر المثل إلى الادراج ط. قوله: (وسلمها فارغة) وعليه تسوية الأرض لأنه هو المخرب لها. ط عن الحموي. قوله: (لعدم نهايتهما) أي البناء والغرس، إذ ليس لهما مدة معلومة، بخلاف الزرع كما يأتي. قوله: (مقلوعا) أي مستحق القلع فإنه أقل من قيمة المقلوع كما في الغصب.
قهستاني. وفي الشرنبلالية: أي مأمورا مالكهما بقلعهما، وإنما فسرناه بكذا لان قيمة المقلوع أزيد من قيمة المأمور بقلعه لكون المؤنة مصروفة للقلع. كذا في الكفاية اه. قوله: (بأن نقوم الأرض بهما) أي مستحقي القلع كما علمته. وبه اندفع اعتراض العيني في الغصب بأن هذا ليس بضمان لقيمته مقلوعا، بل هو ضمان لقيمته قائما، وإنما يكون ضمانا لقيمته مقلوعا أن لو قوم البناء والغرس مقلوعا موضوعا على الأرض اه. وكأنه فهم أنه تقوم الأرض بهما مستحقي البقاء، وليس المراد هذا ولا الثاني الذي ذكره بل ما مر، فتدبر. قوله: (لان فيه نظرا لهما) حيث أوجبنا للمؤجر تسلم الأرض بعد انقضاء مدة الإجارة وللمستأجر قيمتهما مستحقي القلع، لان أصل وضعهما بحق. قوله: (قال في البحر الخ) لا يخفى أن مفاد الكلام حينئذ أن للمؤجر أن يتملكه جبرا على المستأجر، سواء نقصت الأرض بالقلع أم لا، مع أنه ليس له ذلك إلا إذا كانت تنقص به، فلهذا قال الزيلعي وغيره من شراح الهداية: هذا إذا كانت تنقص بالقلع دفعا للضرر عن المؤجر ولا ضرر على المستأجر، لان الكلام في مستحق القلع والقيمة تقوم مقامه، فإن لم تنقص به لا يتملكه إلا برضا المستأجر لاستوائهما في ثبوت الملك وعدم ترجح أحدهما على الآخر اه ملخصا.
فعلم أن قول البحر بعد بيان مرجع الاستثناء لا حاجة إلى هذا الحمل كما فعل الزيلعي وغيره غير ظاهر، مع أنه اضطر ثانيا إليه فذكر هذا التفصيل كما فعل شارحنا بقوله: لكن الخ فتنبه، وهذا