حد عليها لان زناها لم يثبت الا بشهادة الفساق ولا حد عليهم لان الفاسق من أهل الشهادة ألا ترى ان تعالى أمر بالتوقيف في بيانه فقد وجد اتيان أربعة شهداء فكيف يجب عليهم الحد ولا لعان على الزوج لأنه شاهد وليس بقاذف فان شهدوا معه ثلاثة عمى حد وحدوا أي يلاعن الزوج ويحدون حد القذف لان العميان لا شهادة لهم قطعا فلم يكن قولهم حجة أصلا فكانوا قذفة فيحدون حد القذف ويلاعن الزوج لان قذف الزوج يوجب اللعان إذا لم يأت بأربعة شهداء ولم يأت بهم وأما الذي يرجع إلى المقذوف خاصة فشيئان أحدهما انكارها وجود الزنا منها حتى لو أقرت بذلك لا يجب اللعان ويلزمها حد الزنا وهو الجلد إن كانت غير محصنة والرجم إن كانت محصنة لظهور زناها باقرارها والثاني عفتها عن الزنا فإن لم تكن عفيفة لا يجب اللعان بقذفها كما لا يجب الحد في قذف الأجنبية إذا لم تكن عفيفة لأنه إذا لم تكن عفيفة فقد صدقته بفعلها فصار كما لو صدقته بقولها ولما نذكر في كتاب الحدود ونذكر تفسير العفة عن الزنا فيه إن شاء الله تعالى وعلى هذا قالوا في المرأة إذا وطئت بشبهة ثم قذفها زوجها انه لا يجب عليه اللعان ولو قذفها أجنبي لا يجب عليه الحد لأنها وطئت وطأ حراما فذهبت عفتها ثم رجع أبو يوسف وقال يجب بقذفها الحد واللعان لان هذا وطئ يتعلق به ثبوت النسب ووجوب المهر فكان كالموجود في النكاح فلا يزيل العفة عن الزنا والجواب ان الوطئ حرام لعدم النكاح إنما الموجود شبهة النكاح فكان ينبغي أن يجب الحد عليها الا انه سقط للشبهة فلان يسقط الحد واللعان عن القاذف لمكان الحقيقة أولى وأما الذي يرجع إليهما جميعا فهو أن يكونا زوجين حرين عاقلين بالغين مسلمين ناطقين غير محدودين في القذف أما اعتبار الزوجية فلان الله تبارك وتعالى خص اللعان بالأزواج بقوله تعالى والذين يرمون أزواجهم وانه حكم ثبت تعبدا غير معقول المعنى فيقتصر على مورد التعبد وإنما ورد التعبد به في الأزواج فيقتصر عليهم وعلى هذا قال أصحابنا من تزوج امرأة نكاحا فاسدا ثم قذفها لم يلاعنها لعدم الزوجية إذ النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة وقال الشافعي يلاعنها إذا كان القذف بنفي الولد لان القذف إذا كان بنفي الولد تقع الحاجة إلى قطع النسب والنسب يثبت بالنكاح الفاسد كما يثبت بالنكاح الصحيح فيشرع اللعان لقطع النسب والجواب ان قطع النسب يكون بعد الفراغ من اللعان ولا لعان الا بعد وجوبه ولا وجوب لعدم شرطه وهو الزوجية ولو طلق امرأته طلاقا بائنا أو ثلاثا ثم قذفها بالزنا لا يجب اللعان لعدم الزوجية لبطلانها بالإبانة والثلاث ولو طلقها طلاقا رجعيا ثم قذفها يجب اللعان لان الطلاق الرجعي لا يبطل الزوجية ولو قذف امرأته بزنا كان قبل الزوجية فعليه اللعان عندنا وعند الشافعي عليه حد القذف واحتج بآية القذف وهي قوله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولنا آية اللعان وهي قوله تعالى والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء الا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله من غير فصل بين ما إذا كان القذف بزنا بعد الزوجية أو قبلها والدليل على أنه قذف زوجته انه أضاف القذف إليها وهي للحال زوجته الا انه قذفها بزنا متقدم وبهذا لا تخرج من أن تكون زوجته في الحال كما إذا قذف أجنبية بزنا متقدم حتى يلزمه القذف كذا ههنا وأما آية القذف فهي متقدمة على آية اللعان فيجب تخريجها على التناسخ فينسخ الخاص المتأخر العام المتقدم بقدره عند عامة مشايخنا وعنده يقضى العام على الخاص بطريق التخصيص على ما مر ولو قذف امرأته بعد موتها لم يلاعن عندنا وعند الشافعي يلاعن علي قبرها واحتج بظاهر قوله عز وجل في آية اللعان فشهادة أحدهم من غير فصل بين حال الحياة والموت ولنا قوله عز وجل والذين يرمون أزواجهم الآية خص سبحانه وتعالى اللعان بالأزواج وقد زالت الزوجية بالموت فلم يوجد قذف الزوجة فلا يجب اللعان وبه تبين ان الميتة لم تدخل تحت الآية لان الله تعالى أوجب هذه الشهادة بقذف الأزواج بقوله والذين يرمون أزواجهم وبعد الموت لم تبق زوجة له وأما اعتبار الحرية والعقل والبلوغ والاسلام والنطق وعدم الحد في القذف فالكلام في اعتبار هذه الأوصاف شرطا لوجوب اللعان فرع الكلام في معنى اللعان وما يثبته شرعا وقد اختلف فيه قال أصحابنا ان اللعان شهادة مؤكدة بالايمان مقرونة باللعن
(٢٤١)