بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٢٤٥
وبين امرأته فرق بينهما وروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بين العجلاني وبين امرأته فلما فرغا من اللعان فرق بينهما ثم قال عليه الصلاة والسلام الله يعلم أن أحدكما لكاذب فهل منكما تائب قال ذلك ثلاثا فأبيا ففرق بينهما فدلت الأحاديث على أن الفرقة لا تقع بلعان الزوج ولا بلعانها إذ لو وقعت لما احتمل التفريق من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وقوع الفرقة بينهما بنفس اللعان ولان ملك النكاح كان ثابتا قبل اللعان والأصل ان الملك متى ثبت لانسان لا يزول الا بإزالته أو بخروجه من أن يكون منتفعا به في حقه لعجزه عن الانتفاع به ولم توجد الإزالة من الزوج لان اللعان لا ينبئ عن زوال الملك لأنه شهادة مؤكدة باليمين أو يمين وكل واحد منهما لا ينبئ عن زوال الملك ولهذا لا يزول بسائر الشهادات والايمان والقدرة على الامتناع ثابتة فلا تقع الفرقة بنفس اللعان وقد خرج الجواب عما ذكره الشافعي ثم قول الشافعي مخالف لا آية اللعان لان الله تعالى خاطب الأزواج باللعان بقوله عز وجل والذين يرمون أزواجهم إلى آخر ما ذكر فلو ثبتت الفرقة بلعان الزوج فالزوجة تلاعنه وهي غير زوجة وهذا خلاف النص وأما زفر فلا حجة له في الحديث لان المتلاعن متفاعل من اللعن وحقيقة المتفاعل المتشاغل بالفعل فبعد الفراغ منه لا يبقى فاعلا حقيقة فلا يبقى ملاعنا حقيقة فلا يصح التمسك به لاثبات الفرقة عقيب اللعان فلا تثبت الفرقة عقيبه وإنما الثابت عقيبه وجوب التفريق فان فرق الزوج بنفسه والا ينوب القاضي منابه في التفريق فإذا فرق بعد تمام اللعان وقعت الفرقة فان أخطأ القاضي ففرق قبل تمام اللعان ينظران إن كان كل واحد منهما قد التعن أكثر اللعان نفذ التفريق وان لم يلتعنا أكثر اللعان أو كان أحدهما لم يلتعن أكثر اللعان لم ينفذ وإنما كان كذلك لان تفريق القاضي إذا وقع بعد أكثر اللعان فقد قضى بالاجتهاد في موضع يسوغ الاجتهاد فيه فينفذ قضاؤه كما في سائر المجتهدات والدليل على أن تفريقه صادف محل الاجتهاد وجوه ثلاثة أحدهما انه عرف أن الأكثر يقوم مقام الكل في كثير من الأحكام فاقتضى اجتهاده إلى أن الأكثر يقوم مقام الكل في اللعان والثاني انه اجتهد ان التكرار في اللعان للتأكيد والتغليظ وهذا المعنى يوجد في الأكثر والثالث انه زعم أنه لما ساغ للشافعي الاقتصار على لعان الزوج إذا قذف المجنونة أو الميتة فلان يسوغ له الاجتهاد بعد اكمال الزوج لعانه واتيان المرأة بأكثر اللعان أولى فثبت ان قضاء القاضي صادف محل الاجتهاد فينفذ فان قيل شرط جواز الاجتهاد ان لا يخالف النص وهذا قد خالف النص من الكتاب والسنة لان كتاب الله ورد باللعان بعدد مخصوص وكذا النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بين الزوجين على ذلك العدد وإذا كان العدد منصوصا عليه فالاجتهاد إذا خالف النص باطل فالجواب ممنوع ان اجتهاد القاضي خالف النص فان التنصيص على عدد لا ينفى جواز الأكثر وإقامته مقام الكل ولا يقتضى الجواز أيضا فلم يكن الحكم منصوصا عليه بل كان مسكوتا عنه فكان محل الاجتهاد وفائدته التنصيص على العدد المذكور والتنبيه على الأصل والأولى وهذا لا ينفى الجواز وأما الثاني فقد اختلف العلماء فيه أيضا قال أبو حنيفة ومحمد الفرقة في اللعان فرقة بتطليقة بائنة فيزول ملك النكاح وتثبت حرمة الاجتهاد والتزوج ما داما على حالة اللعان فان أكذب الزوج نفسه فجلد الحد أو أكذبت المرأة نفسها بان صدقته جاز النكاح بينهما ويجتمعان وقال أبو يوسف وزفر والحسن بن زياد هي فرقة بغير طلاق وانها توجب حرمة مؤبدة كحرمة الرضاع والمصاهرة واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم المتلاعنان لا يجتمعان أبدا وهو نص في الباب وكذا روى عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم مثل عمر وعلي وعبد الله بن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم انهم قالوا المتلاعنان لا يجتمعان أبدا ولأبي حنيفة ومحمد ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما لاعن بين عويمر العجلاني وبين امرأته فقال عويمر كذبت عليها يا رسول الله ان أمسكتها فهي طالق ثلاثا وفي بعض الروايات كذبت عليها ان لم أفارقها فهي طالق ثلاثا فصار طلاق الزوج عقيب اللعان سنة المتلاعنين لان عويمر طلق زوجته ثلاثا بعد اللعان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فانفذها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجب على كل ملاعن ان يطلق فإذا امتنع ينوب القاضي منابه في
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248