بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٢٣٦
الظهار وهو ان يسكت عن طلاقها عقيب الظهار مقدار ما يمكنه طلاقها فيه فإذا أمسكها على النكاح عقيب الظهار مقدار ما يمكنه طلاقها فيه فلم يطلقها فقد وجبت عليه الكفارة على وجه لا يحتمل السقوط بعد ذلك سواء غابت أو ماتت وإذا غاب فسواء طلقها أو لم يطلقها راجعها أو لم يراجعها ولو طلقها عقيب الظهار بلا فصل يبطل الظهار فلا تجب الكفارة لعدم امساك المرأة عقيب الظهار وقال أصحابنا العود هو العزم على وطئها عزما مؤكدا حتى لو عزم ثم بدا له في أن لا يطأها لا كفارة عليه لعدم العزم المؤكد لا أنه وجبت الكفارة بنفس العزم ثم سقطت كما قال بعضهم لان الكفارة بعد سقوطها لا تعود الا بسبب جديد وجه قول أصحاب الظواهر التمسك بظاهر لفظة العود لان العود في القول عبارة عن تكراره قال الله تعالى ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه فكان معنى قوله ثم يعودون لما قالوا أي يرجعون إلى القول الأول فيكررونه وجه قول الشافعي أن قوله تعالى والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل يقتضى وجوب الكفارة بعد العود وذلك فيما قلنا لا فيما قلتم لان عندكم لا تجب الكفارة وإنما يحرم الوطئ إلى أن يؤدى الكفارة فترتفع الحرمة وهذا خلاف النص ولنا أن قول القائل قال فلان كذا ثم عاد قال في اللغة يحتمل أن يكون معناه عاد إلى ما قال وفيما قال أي كرره ويحتمل أن يكون معناه عاد لنقض ما قال فإنه حكى أن اعرابيا تكلم بين يدي الأصمعي بأنه كان يبنى بناء ثم يعود له فقال له الأصمعي ما أردت بقولك أعود له فقال أنقضه ولا يمكن حمله على الأول وهو التكرار لان القول لا يحتمل التكرار لان التكرار إعادة عين الأول ولا يتصور ذلك في الاعراض لكونها مستحيلة البقاء فلا يتصور اعادتها وكذا النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر أويسا بالكفارة لم يسأله أنه هل كرر الظهار أم لا ولو كان ذلك شرط لسأله إذ الموضع موضع الاشكال وكذا الظهار الذي كان متعارفا بين أهل الجاهلية لم يكن فيه تكرار القول وإذا تعذر حمله على الوجه الأول يحمل على الثاني وهو العود لنقض ما قالوا وفسخه فكان معناه ثم يرجعون عما قالوا وذلك بالعزم على الوطئ لان ما قاله المظاهر هو تحريم الوطئ فكان العود لنقضه وفسخ استباحة الوطئ وبهذا تبين فساد تأويل الشافعي العود بامساك المرأة واستبقاء النكاح لان امساك المرأة لا يعرف عودا في اللغة ولا امساك في شئ من الأشياء يتكلم فيه بالعود ولان الظاهر ليس يرفع النكاح حتى يكون العود لما قال استبقاء للنكاح فبطل تأويل العود بالامساك على النكاح والدليل على بطلان هذا التأويل ان الله تعالى قال ثم يعودون لما قالوا وثم للتراخي فمن جعل العود عبارة عن استبقاء النكاح وامساك المرأة عليه فقد جعله عائدا عقيب القول بلا تراخى وهذا خلاف النص أما قوله إن النص يقتضى وجوب الكفارة وعندكم لا تجب الكفارة فليس كذلك بل عندنا تجب الكفارة إذا عزم على الوطئ كأنه قال تعالى إذا عزمت على الوطئ فكفر قبله كما قال سبحانه وتعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وقوله سبحانه إذا ناجيتم الرسول فقدموا ونحو ذلك واختلف أيضا في سبب وجوب هذه الكفارة قال بعضهم انها تجب بالظهار والعود جميعا لان الله تعالى علقها بهما بقوله تعالى والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة وقال بعضهم سبب الوجوب هو الظهار والعود شرط لان الظهار ذنب ألا ترى أن الله تعالى جعله منكرا من القول وزورا والحاجة إلى رفع الذنب والزجر عنه في المستقبل ثابتة فتجب الكفارة لأنها رافعة للذنب وزاجرة عنه والدليل عليه أنه تضاف الكفارة إلى الظهار لا إلى العود يقال كفارة الظهار والأصل أن الأحكام تضاف إلى أسبابها لا إلى شروطها وقال بعضهم سبب الوجوب هو العود والظهار شرط لان الكفارة عبادة والظهار محظور محض فلا يصلح سببا لوجوب العبادة وقال بعضهم كل واحد منهما شرط وسبب الوجوب أمر ثالث هو كون الكفارة طريقا متعينا لايفاء الواجب وكونه قادرا على الايفاء لان ايفاء حقها في الوطئ واجب ويجب عليه في الحكم إن كانت بكرا أو ثيبا ولم يطأها مرة وإن كانت ثيبا وقد وطئها مرة لا يجب فيما بينه وبين الله تعالى اتصال ذلك أيضا لايفاء حقها وعند بعض أصحابنا يجب في الحكم أيضا حتى يجبر عليه ولا يمكنه ايفاء الواجب الا برفع الحرمة ولا ترتفع الحرمة الا بالكفارة فتلزمه الكفارة ضرورة ايفاء
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248