كان العبد قنا أو مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا أو مستسعى على أصل أبي حنيفة لما قلنا وكذا كونه جادا فليس بشرط لصحة الظهار حتى يصح ظهار الهازل كما يصح طلاقه وكذا كونه طائعا أو عامدا ليس بشرط عندنا فيصح ظهار المكره والخاطئ كما يصح طلاقهما وعند الشافعي شرط فلا يصح ظهارهما كما لا يصح طلاقهما وهذه من مسائل الاكراه وكذا التكلم بالظهار ليس بشرط حتى يصير مظاهرا بالكتابة المستبينة والإشارة المعلومة من الأخرس وكذا الخلو عن شرط الخيار ليس بشرط فيصح ظهار شارط الخيار لما ذكرنا في كتاب الطلاق وأما كون المظاهر رجلا فهل هو شرط صحة الظهار قال أبو يوسف ليس بشرط وقال محمد شرط حتى لو قالت المرأة لزوجها أنت على كظهر أمي تصير مظاهرة عند أبي يوسف وعليها كفارة الظهار وعند محمد لا تصير مظاهرة ولما حكى قولهما للحسن بن زياد فقال هما شيخا الفقه أخطأ عليهما كفارة اليمين إذا وطئها زوجها (وجه) قول الحسن ان الظهار تحريم فتصير كأنه قالت لزوجها أنت على حرام ولو قالت ذلك تلزمها الكفارة إذا وطئها كذا هذا (وجه) قول محمد ان الظهار تحريم بالقول والمرأة لا تملك التحريم بالقول ألا ترى أنها لا تملك الطلاق فكذا الظهار ولأبي يوسف ان الظهار تحريم يرتفع بالكفارة وهي من أهل الكفارة فكانت من أهل الظهار والله أعلم ومنها النية عند أبي حنيفة وأبى يوسف في بعض أنواع الظهار دون بعض وبيان ذلك أنه لو قال لامرأته أنت على كظهر أمي كان مظاهرا سواء نوى الظهار أو لا نية له أصلا لان هذا صريح في الظهار إذ هو ظاهر المراد مكشوف المعنى عند السماع بحيث يسبق إلى أفهام السامعين فكان صريحا لا يفتقر إلى النية كصريح الطلاق في قوله أنت طالق وكذا إذا نوى به الكرامة أو المنزلة أو الطلاق أو تحريم اليمين لا يكون الا ظهارا لان هذا اللفظ صريح في الظهار فإذا نوى به غيره فقد أراد صرف اللفظ عما وضع له إلى غيره فلا ينصرف إليه كما إذا قال لامرأته أنت طالق ونوى به الطلاق عن الوثاق أو الطلاق عن العمل أنه لا ينصرف إليه ويقع الطلاق لما قلنا كذا هذا ولو قال أردت به الاخبار عما مضى كذا لا يصدق في القضاء لأنه خلاف الظاهر لان هذا اللفظ في الشرع جعل انشاء فلا يصدق في إرادة الاخبار عنه كقوله أنت طالق إذا أراد به الاخبار عن الماضي كاذبا ولا يسع للمرأة ان تصدقه كما لا يسع للقاضي لان القاضي إنما لا يصدقه لادعائه خلاف الظاهر وهذا موجود في حق المرأة ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى لأنه نوى ما يحتمله كلامه وكذا إذا قال أنا منك مظاهرا وقد ظاهرتك فهو مظاهر نوى به الظهار أو لا نية له لان هذا اللفظ صريح في الظهار أيضا إذ هو مكشوف المراد عن السامع فلا يفتقر إلى النية وأي شئ نوى لا يكون الا ظهارا وان أراد به الخبر عن الماضي كاذبا لا يصدق قضاء ويصدق ديانة لما قلنا كما لو قال أنت مطلقة أو قد طلقتك وكذا لو قال أنت على كبطن أمي أو كفخذ أمي أو كفرج أمي فهذا وقوله أنت على كظهر أمي على السواء لأنه يجرى مجرى الصريح لما ذكرنا فيما تقدم ولو قال لها أنت على كأمي أو مثل أمي يرجع إلى نيته فان نوى به الظهار كان مظاهرا وان نوى به الكرامة كان كرامة وان نوى به الطلاق كان طلاقا وان نوى به اليمين كان ايلاء لان اللفظ يحتمل كل ذلك إذ هو تشبيه المرأة بالأم فيحتمل التشبيه في الكرامة والمنزلة أي أنت على في الكرامة والمنزلة كأمي ويحتمل التشبيه في الحرمة ثم يحتمل ذلك حرمة الظهار ويحتمل حرمة الطلاق وحرمة اليمين فأي ذلك نوى فقد نوى ما يحتمله لفظه فيكون على ما نوى وان لم يكن له نية لا يكون ظهارا عند أبي حنيفة وهو قول أبى يوسف الا ان عند أبي حنيفة لا يكون شيئا وعند أبي يوسف يكون تحريم اليمين وعند محمد يكون ظهارا احتج محمد بقوله تعالى في آية الظهار ردا على المظاهرين ما هن أمهاتهم وذكر الله سبحانه وتعالى الام ولم يذكر ظهر الام فدل ان تشبيه المرأة وهو قوله أنت على كأمي ظهار حقيقة كقوله أنت على كظهر أمي بل أولى لان قوله أنت على كظهر أمي تشبيه المرأة بعضو من أعضائها وقوله أنت كأمي تشبيه بكلها ثم ذاك لما كان ظهارا فهذا أولى ولان كاف التشبيه تختص بالظهار فعند الاطلاق تحمل عليه ولأبي حنيفة وأبى يوسف ان هذا اللفظ يحتمل الظهار وغيره احتمالا على السواء لما ذكرنا فلا يتعين الظهار الا بدليل
(٢٣١)