بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٩٥
طلاقين من الثلاث يكون نهيا عن الجمع بينهما فوضح وجه الاحتجاج بالآية بحمد الله تعالى (وأما) السنة فما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال تزوجوا ولا تطلقوا فان الطلاق يهتز له عرش الرحمن نهى صلى الله عليه وسلم عن الطلاق ولا يجوز أن يكون النهي عن الطلاق لعينه لأنه قد بقي معتبرا شرعا في حق الحكم بعد النهي فعلم أن ههنا غيرا حقيقيا ملازما للطلاق يصلح أن يكون منهيا عنه فكان النهي عنه لا عن الطلاق ولا يجوز أن يمنع من المشرع لمكان الحرام الملازم له كما في الطلاق في حالة الحيض والبيع وقت النداء والصلاة في الأرض المغصوبة وغير ذلك وقد ذكر عن عمر رضي الله عنه انه كان لا يؤتى برجل طلق امرأته ثلاثا الا أوجعه ضربا وأجاز ذلك عليه وذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم فيكون اجماعا (وأما) المعقول فمن وجوه أحدها أن النكاح عقد مصلحة لكونه وسيلة إلى مصالح الدين والدنيا والطلاق ابطال له وابطال المصلحة مفسدة وقد قال الله عز وجل والله لا يحب الفساد وهذا معنى الكرهة الشرعية عندنا أن الله تعالى لا يحبه ولا يرضى به الا أنه قد يخرج من أن يكون مصلحة لعدم توافق الأخلاق وتباين الطبائع أو لفساد يرجع إلى نكاحها بأن علم الزوج ان المصالح تفوته بنكاح هذه المرأة أو ان المقام معها سبب فساد دينه ودنياه فتنقلب المصلحة في الطلاق ليستوفي مقاصد النكاح من امرأة أخرى الا ان احتمال انه لم يتأمل حق التأمل ولم ينظر حق النظر في العاقبة قائمة فالشرع والعقل يدعوانه إلى النظر وذلك في أن يطلقها طلقة واحدة رجعية حتى أن التباين أو الفساد إذا كان من جهة المرأة تتوب وتعود إلى الصلاح إذا ذاقت مرارة الفراق وإن كانت لا تتوب نظر في حال نفسه انه هل يمكنه الصبر عنها فان علم أنه لا يمكنه الصبر عنها يراجعها وان علم أنه يمكنه الصبر عنها يطلقها في الطهر الثاني ثانيا ويجرب نفسه ثم يطلقها فيخرج نكاحها من أن يكون مصلحة ظاهرا وغالبا لأنه لا يلحقه الندم غالبا فأبيحت الطلقة الواحدة أو الثلاث في ثلاثة أطهار على تقدير خروج نكاحها من أن يكون مصلحة وصيرورة المصلحة في الطلاق فإذا طلقها ثلاثا جملة واحدة في حالة الغضب وليست حالة الغضب حالة التأمل لم يعرف خروج النكاح من أن يكون مصلحة فكان الطلاق ابطالا للمصلحة من حيث الظاهر فكان مفسدة والثاني ان النكاح عقد مسنون بل هو واجب لما ذكرنا في كتاب النكاح فكان الطلاق قطعا للسنة وتفويتا للواجب فكان الأصل هو الحظر والكراهة الا انه رخص للتأديب أو للتخليص والتأديب يحصل بالطلقة الواحدة الرجعية لان التباين أو الفساد إذا كان من قبلها فإذا ذاقت مرارة الفراق فالظاهر أنها تتأدب وتتوب وتعود إلى الموافقة والصلاح والتخليص يحصل بالثلاث في ثلاثة أطهار والثابت بالرخصة يكون ثابتا بطريق الضرورة وحق الضرورة صار مقضيا بما ذكرنا فلا ضرورة إلى الجمع بين الثلاث في طهر واحد فبقي ذلك على أصل الحظر والثالث انه إذا طلقها ثلاثا في طهر واحد فربما يلحقه الندم وقال الله تعالى لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا قيل في التفسير أي ندامة على ما سبق من فعله أو رغبة فيها ولا يمكنه التدارك بالنكاح فيقع في السفاح فكان في الجمع احتمال الوقوع في الحرام وليس في الامتناع ذلك والتحرز عن مثله واجب شرعا وعقلا بخلاف الطلقة الواحدة لأنها لا تمنع من التدارك بالرجعة وبخلاف الثلاث في ثلاثة أطهار لان ذلك لا يعقب الندم ظاهرا لأنه يجرب نفسه في الأطهار الثلاثة فلا يلحقه الندم وقد خرج الجواب عما ذكره المخالف لان الطلاق عندنا تصرف مشروع في نفسه الا انه ممنوع عنه لغيره لما ذكرنا من الدلائل ويستوى في كراهة الجمع أن تكون المرأة حرة أو أمة مسلمة أو كتابية لان الموجب للكراهة لا يوجب الفصل وهو ما ذكرنا من الدلائل ويستوى في كراهة الجمع والخلع في الطهر الذي لا جماع فيه غير مكروه بالاجماع وفي الطلاق الواحد البائن روايتان ذكر في كتاب الطلاق انه يكره وذكر في زيادات الزيادات انه لا يكره وجه تلك الرواية ان الطلاق البائن لا يفارق الرجعي الا في صفة البينونة وصفة البينونة لا تنافى صفة السنة ألا ترى ان الطلقة الواحدة قبل الدخول بائنة وانها سنة وكذا الخلع في طهر لا جماع فيه بائن وانه سنة (وجه) رواية كتاب الطلاق ان الطلاق شرع في الأصل بطريق
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248