فعند انضمام الإجازة إليهما كان النكاح حاصلا بالكوفة فوجد شرط الحنث فيحنث وقال ابن سماعة عن محمد في رجل قال إن تزوجت فلانة فهي طالق فصار معتوها فزوجه إياها أبوه قال هو حانث لان حقوق العقد في النكاح ترجع إلى المعقود له فكان هو المتزوج فحنث قال المعلى سألت محمدا عن امرأة حلفت لا تزوج نفسها من فلان فزوجها منه رجل بأمرها فهي حانثة وكذلك لو زوجها رجل فرضيت وكذلك لو كانت بكرا فزوجها أبوها فسكتت لأن العقد لما جاز برضاها وحقوقه تتعلق بها فصار كأنها عقدت بنفسها وهذه الرواية تخالف ما ذكرنا من رواية هشام وكذلك لو حلف لا يأذن لعبده في التجارة فرآه يشترى ويبيع انه ان سكت كان حانثا في يمينه لان السكوت اذن منه فكأنه اذن منه له بالنطق وروى بشر بن الوليد وعلي بن الجعد عن أبي يوسف انه لا يحنث لان السكوت ليس باذن وإنما هو اسقاط حقه عن المنع من تصرف العبد ثم العبد يتصرف بمالكية نفسه بعد زوال الحجر فان حلف لا يسلم لفلان شفعة فبلغه انه اشترى دارا هو شفيعها فسكت لا يحنث لان الساكت ليس بمسلم وإنما هو مسقط حقه بالاعراض عن الطلب قال عمرو عن محمد في رجل حلف لا يزوج عبده فتزوج العبد بنفسه ثم أجاز المولى يحنث ولو حلف الأب لا يزوج ابنته فزوجها عمها وأجاز الأب لم يحنث لان غرض المولى باليمين ان لا تتعلق برقبة عبده حقوق النكاح وقد علق بالإجازة وغرض الأب ان لا يفعل ما يسمى نكاحا والإجازة ليست بنكاح وقال علي وبشر عن أبي يوسف لو حلف لا يؤخر عن فلان حقه شهرا وسكت عن تقاضيه حتى مضى الشهر لم يحنث وهذا قول أبي حنيفة لان التأخير هو التأجيل وترك التقاضى ليس بتأجيل قال ولو أن امرأة حلفت لا تأذن في تزويجها وهي بكر فزوجها أبوها فسكتت فإنها لا تحنث والنكاح لها لازم لان السكوت ليس باذن حقيقة وإنما أقيم مقام الاذن بالسنة وروى بشر عن أبي يوسف إذا حلف لا يبيع ثوبه الا بعشرة دراهم فباعه بخمسة ودينار حنث لأنه منع نفسه عن كل بيع واستثنى بيعه بصفة وهو أن يكون بعشرة ولم يوجد فبقي تحت المستثنى منه فان باعه بعشرة دنانير لم يحنث لأنه باعه بعشرة وبغيرها والعشرة مستثنى وروى هشام عن أبي يوسف في رجل قال والله لا أبيعك هذا الثوب بعشرة حتى تزيدني فباعه بتسعة لا يحنث في القياس وفي الاستحسان يحنث وبالقياس آخذ (وجه) القياس ان شرط حنثه البيع بعشرة وما باع بعشرة بل بتسعة (وجه) الاستحسان ان المراد من مثل هذا الكلام في العرف ان لا يبيعه الا بالأكثر من عشرة وقد باعه لا بأكثر من عشرة فيحنث وقال المعلى عن محمد إذا حلف لا يبيع هذا الثوب بعشرة الا بزيادة قال إن باعه بأقل من عشرة أو بعشرة فإنه حانث وهذا بمنزلة قوله لا أبيعه الا بزيادة على عشرة لأنه منع نفسه من كل بيع واستثنى بيعا واحدا وهو الذي يزيد ثمنه على عشرة أن معنى قوله لا أبيع هذا الثوب بعشرة الا بزيادة أي لا أبيعه الا بزيادة على العشرة ليصح الاستثناء وما باعه بزيادة على عشرة فيحنث ولو قال حتى ازداد فباعه بعشرة حنث وان باعه بأقل أو أكثر لم يحنث لأنه حلف على بيع بصفة وهو أن يكون بعشرة فإذا باع بتسعة لم يوجد البيع المحلوف عليه ولو قال عبده حران اشتراه باثني عشر فاشتراه بثلاثة عشر دينارا حنث لأنه اشتراه بما حلف عليه وإن كان معه زيادة ولو قال أول عبد اشتريه فهو حر أو آخر عبدا وأوسط عبد فالأول اسم لفرد سابق والآخر من المحدثات اسم لفرد لا حق والأوسط اسم لفرد اكتنفته حاشيتان متساويتان إذا عرف هذا فنقول إذا قال أول عبد اشتريه فهو حر فاشترى عبدا واحدا بعد يمينه عتق لأنه أول عبد اشتراه لكونه فردا لم يتقدمه غيره في الشراء فان اشترى عبد أو نصف عبد عتق العبد الكامل لا غير لان نصف العبد لا يسمى عبدا فصار كما لو اشترى عبدا وثوبا بخلاف ما إذا قال أول كر اشتريه صدقة فاشترى كرا ونصفا لم يتصدق بشئ لان الكر ليس بأول بدليل انا لو عزلنا كرا فالنصف الباقي مع نصف المعزول يسمى كرا فلم يكن هذا أول كر اشتراه فإن كان أول ما اشترى عبدين لم يعتق واحد منهما ولا يعتق ما اشترى بعدهما أيضا لانعدام معنى الانفراد فيهما ولانعدام معنى السبق فيما بعدهما ولو قال آخر عبد اشتريه فهو حر فهذا على أن يشترى عبدا واحدا بعد غيره أو يموت المولى لان عنده يعلم أنه آخر لجواز ان يشترى غيره ما دام حيا واختلف في وقت عتقه فعلى قول أبي حنيفة يعتق
(٨٦)