والحقوق والخصومة والشركة بان حلف لا يشارك رجلا فأمر غيره فعقد عقد الشركة والذبح والضرب والقتل والبناء والخياطة والنفقة ونحوها فإذا حلف لا يفعل شيئا من هذه الأشياء ففعله بنفسه أو أمر غيره حنث لان ما لا حقوق له أو ترجع حقوقه إلى الآمر لا إلى الفاعل يضاف إلى الآمر لا إلى الفاعل ألا ترى ان الوكيل بالنكاح لا يقول تزوجت وإنما يقول زوجت فلانا والوكيل بالطلاق يقول طلقت امرأة فلان فكان فعل المأمور مضافا إلى الآمر واختلفت الرواية عن أبي يوسف في الصلح روى بشر بن الوليد عنه ان من حلف لا يصالح فوكل بالصلح لم يحنث لان الصلح عقد معاوضة كالبيع وروى ابن سماعة عنه أنه يحنث لان الصلح اسقاط حق كالابراء فان قال الحالف فيما لا ترجع حقوقه إلى الفاعل بل إلى الآمر كالنكاح والطلاق والعتاق نويت أن إلى ذلك بنفسي يدين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في القضاء لأن هذه الأفعال جعلت مضافة إلى الآمر لرجوع حقوقها إليه لا إلى الفاعل وقد نوى خلاف ذلك الظاهر فلا يصدق في القضاء ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى لأنه نوى المحتمل وإن كان خلاف الظاهر ولو قال فيما لا حقوق له من الضرب والذبح عنيت أن إلى ذلك بنفسي يصدق فيما بينه وبين الله تعالى وفي القضاء أيضا لان الضرب والذبح من الافعال الحقيقة وأنه بحقيقته وجد من المباشر وليس بتصرف حكمي فيه لتغيير وقوعه حكما لغير المباشر فكانت العبرة فيه للمباشرة فإذا نوى به أن يلي بنفسه فقد نوى الحقيقة فيصدق قضاء وديانة ولو حلف لا يبيع من فلان شيئا فأوجب البيع لا يحنث ما لم يقبل المشترى ولو حلف لا يهب لفلان شيئا أو لا يتصدق عليه أو لا يعيره أو لا ينحل له أو لا يعطيه ثم وهب له أو تصدق عليه أو أعاره أو نحله أو أعطاه فلم يقبل المحلوف عليه يحنث عند أصحابنا الثلاثة وعند زفر لا يحنث ونذكر المسألة والفرق بين الهبة وأخواتها وبين البيع في كتاب الهبة إن شاء الله تعالى وأما القرض فقد روى عن محمد أنه لا يحنث ما لم يقبل وعن أبي يوسف روايتان في رواية مثل قول محمد وفي رواية يحنث من غير قبول وجه هذه الرواية ان القرض لا تقف صحته على تسمية عوض فأشبه الهبة وجه الرواية الأخرى ان القرض يشبه البيع لأنه تمليك بعوض وقد قال أبو يوسف على هذه الرواية لو حلف لا يستقرض من فلان شيئا فاستقرضه فلم يقرضه انه حانث فرق بين القرض وبين الاستقراض لان الاستقراض ليس بقرض بل هو طلب القرض كالسوم في باب البيع ولو حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا وقبل المشترى وقبض يحنث لان اسم البيع يتناول الصحيح والفاسد وهو مبادلة شئ مرغوب بشئ ولان المقصود من البيع هو الوصول إلى العوض وهذا يحصل بالبيع الفاسد إذا اتصل به القبض لأنه يفيد الملك بعد القبض ولو باع الميتة والدم لا يحنث لأنه ليس ببيع لانعدام معناه وهو ما ذكرنا ولانعدام حصول المقصود منه وهو الملك لأنه لا يقبل الملك ولو باع بيعا فيه خيار للبائع أو للمشترى لم يحنث في قول أبى يوسف وحنث في قول محمد وجه قول محمد أن اسم البيع كما يقع على البيع الثابت يقع على البيع الذي فيه خيار فان كل واحد منهما يسمى بيعا في العرف الا أن الملك فيه يقف على أمر زائد وهو الإجازة أو على سقوط الخيار فأشبه البيع الفاسد ولأبي يوسف ان شرط الخيار يمنع انعقاد البيع في حق الحكم فأشبه الايجاب بدون القبول قال محمد سمعت أبا يوسف قال فيمن قال إن اشتريت هذا العبد فهو حر فاشتراه على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام فمضت المدة الثلاث ووجب البيع يعتق وانه على أصله صحيح لان اسم البيع عنده لا يتناول البيع المشروط فيه الخيار فلا يصير مشتريا بنفس القبول بل عند سقوط الخيار والعبد في ملكه عند ذلك يعتق وذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي في البيع بشرط خيار البائع أو المشترى انه يحنث ولم يذكر الخلاف واصل فيه أصلا وهو أن كل بيع يوجب الملك أو تلحقه الإجازة يحنث به وما لا فلا هذا إذا حلف على البيع والشراء بطلاق امرأته أو عتاق عبده ان قال لامرأته أنت طالق أو عبده حر فأما إذا حلف على ذلك بعتق العبد المشترى أو المبيع فإن كان الحلف على الشراء بان قال إن اشتريت هذا العبد فهو حر فاشتراه ينظر ان اشتراه شراء جائزا باتا عتق بلا شك وكذلك لو كان المشترى فيه بالخيار أما على قولهما فلا يشكل لان خيار المشترى لا يمنع وقوع الملك له واما على قول أبي حنيفة
(٨٣)