بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٧٧
شدة الضرب دون الموت قال فان حلف ليضربنها حتى يغشى عليها أو حتى تبول فما لم يوجد ذلك لم يبر في يمينه لان هذا يحدث عند شدة الضرب غالبا فيراعى وجوده للبر ولو حلف ليضربن غلامه في كل حق وباطل فمعنى ذلك ان يضربه في كل ما شكى بحق أو بباطل لأنه لا يمكن حمله على الحقيقة وهو الضرب عن كل حق وباطل لان العبد لا يخلو من ذلك فإذا يكون عند الشكاية فإذا يكون المولى في ضربه أبدا فحمل الضرب على الشكاية للعرف ولا يكون الضرب في هذا عند الشكاية أي لا يحمل الضرب على فور الشكاية لان اليمين الواقعة على فعل مطلق عن زمان لا تتوقت بزمان دون زمال بل تقع على العمر الا ان يعنى به الحال فيكون قد شدد على نفسه فان شكى إليه فضربه ثم شكى إليه في ذلك الشئ مرة أخرى والمولى يعلم أنه في ذلك الشئ أو لا يعلم فذلك سواء وليس عليه ان يضربه للشكاية الثانية لأنه قد ضربه فيها مرة واحدة ولا يتعلق بالفعل الواحد الذي وقعت الشكاية عليه أكثر من ضرب واحد في العرف كما لو قال إن أخبرتني بكذا فلك درهم فأخبره مرة بعد مرة انه لا يجب الا درهم واحد وإن كان الثاني اخبارا كالأول كذا هذا وقال المعلى سألت محمدا عن رجل حلف ليقتلن فلانا ألف مرة فقتله ثم قال إنما نويت ان آلى على نفسي بالقتل قال أدينه في القضاء لان العادة انهم يريدون بهذا تشديد القتل دون تكرره لعدم تصوره وقال ابن سماعة عن أبي يوسف فيمن قال لامرأته ان لم أضربك حتى أتركك لا حية ولا ميتة فهذا على أن يضربها ضربا شديدا يوجعها فإذا فعل ذلك فقد بر لان المراد منه ان لا يتركها حية سليمة ولا ميتة وذلك بالضرب الشديد فينصرف إليه وقال محمد فيمن حلف بالطلاق لقد سمع فلانا يطلق امرأته ألف مرة وقد سمعه طلقها ثلاثا فإنه يدين فيما بينه وبين الله تعالى لان حكم الثلاث حكم الألف في الايقاع ولأنه يراد بمثله أكثر عدد الطلاق في العادة وهو الثلاث ولو قال امرأته طالق ان لم يكن لقى فلانا ألف مرة وقد لقيه مرارا كثيرة لان ذلك لا يكون ألف مرة وإنما أراد كثرة اللقاء ولم يرد العدد انى أدينه لان مثل هذا يذكر في العادة والعرف للتكثير دون العدد المحصور وقد قال الله تعالى استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم وليس ذلك على عدد السبعين بل ذكره سبحانه وتعالى للتكثير كذا هذا ولو قال والله لا أقتل فلانا بالكوفة أو قال والله لا أتزوج فلانة بالكوفة فضربه الحالف ببغداد فمات بالكوفة أو زوجه الولي امرأة كبيرة ببغداد فبلغها الخبر بالكوفة فأجازت حنث في اليمين جميعا وكذلك لو حلف على الزمان فقال لا أفعل ذلك يوم الجمعة فمات يوم الجمعة أو أجازت النكاح يوم الجمعة حنث الحالف ولو كان حلف ليفعلن ذلك بالكوفة أو يوم الجمعة فكان ما ذكرنا بر في يمينه وإنما كان ذلك لان الفعل الذي هو قتل ان وجد ببغداد ويوم السبت لكنه موصوف بصفة الإضافة إلى المخاطب وإنما يصير موصوفا بالإضافة وقت ثبوت أثره وهو زهوق الروح وذلك وجد بالكوفة يوم الجمعة فيحنث في يمينه ونظيره لو قال إن خلق الله تعالى لفلان ابنا في هذه السنة فعبدي حر فحصل له ولد في هذه السنة يحنث وإن كان خلق الله أزليا لكن الإضافة إلى المخلوق إنما تثبت عند وجود أثره وهو وجود الولد كذا ههنا والنكاح في الشرع اسم لما بعد الحل وذلك أنما يوجد عند الإجازة وكذلك العبد إذا اشترى عبدا بغير اذن مولاه ثم بلغ المولى فأجاز فإنه مشترى يوم أجازه المولى لأنه يوم ثبوت الملك وقال محمد في البيع الموقوف والفاسد انه بائع يوم باع ومشتر يوم اشترى وقال في القتل كما قال أبو يوسف لمحمد ان الملك عند الإجازة يتعلق بالعقد كما يتعلق به عند اسقاط الخيار ولأبي يوسف ان الأحكام لا تتعلق بالعقد الموقوف وإنما تتعلق بالإجازة ولو كانت الضربة قبل اليمين ومات بالكوفة أو يوم الجمعة لا يحنث في يمينه وان وجد القتل المضاف إلى المخاطب يوم الجمعة لان هذا القتل وجد منه قبل اليمين فلا يتصور امتناعه عن اتصافه بصفة الإضافة والانسان لا يمنع نفسه عما ليس في وسعه الامتناع عنه إذ مقصود الحالف البر لا الحنث ولهذا لو حلف لا يسكن هذه الدار وهو ساكنها فاخذ في النقلة من ساعته لا يحنث فان وجد السكنى وعرف بدلالة الحال انه أراد منع نفسه عن قتل مضاف إلى مخاطب باشره بعد اليمين ونظيره ما ذكره محمد أنه لو قال لامرأته أنت طالق غدا ثم قال لها ان طلقتك فعبدي حر فجاء غد فطلقت لم يعتق عبده ولو قال لها ان
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248