شدة الضرب دون الموت قال فان حلف ليضربنها حتى يغشى عليها أو حتى تبول فما لم يوجد ذلك لم يبر في يمينه لان هذا يحدث عند شدة الضرب غالبا فيراعى وجوده للبر ولو حلف ليضربن غلامه في كل حق وباطل فمعنى ذلك ان يضربه في كل ما شكى بحق أو بباطل لأنه لا يمكن حمله على الحقيقة وهو الضرب عن كل حق وباطل لان العبد لا يخلو من ذلك فإذا يكون عند الشكاية فإذا يكون المولى في ضربه أبدا فحمل الضرب على الشكاية للعرف ولا يكون الضرب في هذا عند الشكاية أي لا يحمل الضرب على فور الشكاية لان اليمين الواقعة على فعل مطلق عن زمان لا تتوقت بزمان دون زمال بل تقع على العمر الا ان يعنى به الحال فيكون قد شدد على نفسه فان شكى إليه فضربه ثم شكى إليه في ذلك الشئ مرة أخرى والمولى يعلم أنه في ذلك الشئ أو لا يعلم فذلك سواء وليس عليه ان يضربه للشكاية الثانية لأنه قد ضربه فيها مرة واحدة ولا يتعلق بالفعل الواحد الذي وقعت الشكاية عليه أكثر من ضرب واحد في العرف كما لو قال إن أخبرتني بكذا فلك درهم فأخبره مرة بعد مرة انه لا يجب الا درهم واحد وإن كان الثاني اخبارا كالأول كذا هذا وقال المعلى سألت محمدا عن رجل حلف ليقتلن فلانا ألف مرة فقتله ثم قال إنما نويت ان آلى على نفسي بالقتل قال أدينه في القضاء لان العادة انهم يريدون بهذا تشديد القتل دون تكرره لعدم تصوره وقال ابن سماعة عن أبي يوسف فيمن قال لامرأته ان لم أضربك حتى أتركك لا حية ولا ميتة فهذا على أن يضربها ضربا شديدا يوجعها فإذا فعل ذلك فقد بر لان المراد منه ان لا يتركها حية سليمة ولا ميتة وذلك بالضرب الشديد فينصرف إليه وقال محمد فيمن حلف بالطلاق لقد سمع فلانا يطلق امرأته ألف مرة وقد سمعه طلقها ثلاثا فإنه يدين فيما بينه وبين الله تعالى لان حكم الثلاث حكم الألف في الايقاع ولأنه يراد بمثله أكثر عدد الطلاق في العادة وهو الثلاث ولو قال امرأته طالق ان لم يكن لقى فلانا ألف مرة وقد لقيه مرارا كثيرة لان ذلك لا يكون ألف مرة وإنما أراد كثرة اللقاء ولم يرد العدد انى أدينه لان مثل هذا يذكر في العادة والعرف للتكثير دون العدد المحصور وقد قال الله تعالى استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم وليس ذلك على عدد السبعين بل ذكره سبحانه وتعالى للتكثير كذا هذا ولو قال والله لا أقتل فلانا بالكوفة أو قال والله لا أتزوج فلانة بالكوفة فضربه الحالف ببغداد فمات بالكوفة أو زوجه الولي امرأة كبيرة ببغداد فبلغها الخبر بالكوفة فأجازت حنث في اليمين جميعا وكذلك لو حلف على الزمان فقال لا أفعل ذلك يوم الجمعة فمات يوم الجمعة أو أجازت النكاح يوم الجمعة حنث الحالف ولو كان حلف ليفعلن ذلك بالكوفة أو يوم الجمعة فكان ما ذكرنا بر في يمينه وإنما كان ذلك لان الفعل الذي هو قتل ان وجد ببغداد ويوم السبت لكنه موصوف بصفة الإضافة إلى المخاطب وإنما يصير موصوفا بالإضافة وقت ثبوت أثره وهو زهوق الروح وذلك وجد بالكوفة يوم الجمعة فيحنث في يمينه ونظيره لو قال إن خلق الله تعالى لفلان ابنا في هذه السنة فعبدي حر فحصل له ولد في هذه السنة يحنث وإن كان خلق الله أزليا لكن الإضافة إلى المخلوق إنما تثبت عند وجود أثره وهو وجود الولد كذا ههنا والنكاح في الشرع اسم لما بعد الحل وذلك أنما يوجد عند الإجازة وكذلك العبد إذا اشترى عبدا بغير اذن مولاه ثم بلغ المولى فأجاز فإنه مشترى يوم أجازه المولى لأنه يوم ثبوت الملك وقال محمد في البيع الموقوف والفاسد انه بائع يوم باع ومشتر يوم اشترى وقال في القتل كما قال أبو يوسف لمحمد ان الملك عند الإجازة يتعلق بالعقد كما يتعلق به عند اسقاط الخيار ولأبي يوسف ان الأحكام لا تتعلق بالعقد الموقوف وإنما تتعلق بالإجازة ولو كانت الضربة قبل اليمين ومات بالكوفة أو يوم الجمعة لا يحنث في يمينه وان وجد القتل المضاف إلى المخاطب يوم الجمعة لان هذا القتل وجد منه قبل اليمين فلا يتصور امتناعه عن اتصافه بصفة الإضافة والانسان لا يمنع نفسه عما ليس في وسعه الامتناع عنه إذ مقصود الحالف البر لا الحنث ولهذا لو حلف لا يسكن هذه الدار وهو ساكنها فاخذ في النقلة من ساعته لا يحنث فان وجد السكنى وعرف بدلالة الحال انه أراد منع نفسه عن قتل مضاف إلى مخاطب باشره بعد اليمين ونظيره ما ذكره محمد أنه لو قال لامرأته أنت طالق غدا ثم قال لها ان طلقتك فعبدي حر فجاء غد فطلقت لم يعتق عبده ولو قال لها ان
(٧٧)