وكذلك لو عرق فقطر عرقه في الماء لم ينجس لأن عرق الانسان والدابة ليس بنجس وسواء من أي موضع كان العرق من تحت منكبه أو غيره وإذا كان الحرام موجودا في الماء وإن كثر الماء لم يطهر أبدا بشئ ينزح منه وإن كثر حتى يصير الحرام منه عدما لا يوجد منه فيه شئ قائم فإذا صار الحرام فيه عدما طهر الماء وذلك أن يصب عليه ماء غيره أو يكون معينا فتنبع العين فيه فيكثر ولا يوجد المحرم فيه فإذا كان هكذا طهر وإن لم ينزح منه شئ (قال) وإذا نجس الإناء فيه الماء القليل أو الأرض أو البئر ذات البناء فيها الماء الكثير بحرام يخالطه فكان موجودا فيه ثم صب عليه ماء غيره حتى يصير الحرام غير موجود فيه وكان الماء قليلا فنجس فصب عليه ماء غيره حتى صار ماء لا ينجس مثله ولم يكن فيه حرام فالماء طاهر والإناء والأرض التي الماء فيهما طاهران لأنهما إنما نجسا بنجاسة الماء فإذا صار حكم الماء إلى أن يكون طاهرا كان كذلك حكم ما مسه الماء ولم يجز أن يحول حكم الماء ولا يحول حكمه وإنما هو تبع للماء يطهر بطهارته وينجس بنجاسته. وإذا كان الماء قليلا في إناء فخالطته نجاسة أريق وغسل الإناء وأحب إلي لو غسل ثلاثا فإن غسل واحدة تأتي عليه طهر وهذا من كل شئ خالطه إلا أن يشرب فيه كلب أو خنزير فلا يطهر إلا بأن يغسل سبع مرات وإذا غسلهن سبعا جعل أولاهن أو أخراهن تراب لا يطهر إلا بذلك فإن كان في بحر لا يجد فيه ترابا فغسله بما يقوم مقام تراب في التنظيف من أشنان أو نخالة أو ما أشبهه ففيه قولان أحدهما لا يطهر إلا بأن يماسه التراب والآخر يطهر بما يكون خلفا من التراب وأنظف منه مما وصفت كما تقول في الاستنجاء وإذا نجس الكلب أو الخنزير بشربهما نجسا ما ماسا به الماء من أبدانهما وإن لم يكن عليهما نجاسة وكل ما لم ينجس بشربه فإذا أدخل في الماء يدا أو رجلا أو شيئا من بدنه لم ينجسه إلا بأن، يكون عليه قذر فينجس القذر الماء لا جسده فإن قال قائل:
فكيف جعلت الكلب والخنزير إذا شربا في إناء لم يطهره إلا سبع مرات وجعلت الميتة إذا وقعت فيه أو الدم طهرته مرة إذا لم يكن لواحد من هؤلاء أثر في الإناء؟ قيل له اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الشافعي) رحمه الله: أخبرنا ابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات " أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات " أخبرنا ابن عيينة عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم " فليغسله سبع مرات أولاهن أو أخراهن بتراب " (قال الشافعي) فقلنا في الكلب بما أمر به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكان الخنزير إن لم يكن في شر من حاله لم يكن في خير منا فقلنا به قياسا عليه وقلنا في النجاسة سواهما بما أخبرنا ابن عيينة عن هشام بن عروة أنه سمع امرأته فاطمة بنت المنذر تقول سمعت جدتي أسماء بنت أبي بكر تقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوب فقال: " حتيه ثم اقرصيه ثم رشيه وصلى فيه " أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها: " إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحه بماء ثم لتصل فيه (قال الشافعي) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسل دم الحيضة ولم يوقت فيه شيئا وكان اسم الغسل يقع على غسله مرة وأكثر كما قال الله تبارك وتعالى " فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق " فأجزأت مرة لأن كل هذا يقع