ولما كانت حكمته تعالى تستوجب أن يدل عباده على ذلك، وكانت دلالته عليه بدون واسطة غير ممكنة لتعاليه عن مباشرتهم ومخاطبتهم، فلا بد من سفراء مختارين (يدلونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم).
وهذا البرهان يمتاز من جهات عما برهن به الفلاسفة على ضرورة النبوة - الذي اعتمد على قاعدة أن الانسان مدني بالطبع فيحتاج إلى قوانين عادلة لمعاملاته وعلاقاته الاجتماعية... - فإن دليلهم مختص بالحياة الاجتماعية على الأرض، بينما دليل الإمام (عليه السلام) يشمل عموم مصالح الانسان ومضاره في كل عوالم الوجود.
* وأشار (عليه السلام) إلى وجودهم الاستثنائي، باشتراكهم مع الناس وامتيازهم عنهم، وما به اشتراكهم وما به اختصاصهم بقوله (عليه السلام): (غير مشاركين للناس - على مشاركتهم في الخلق والتركيب - في شئ من أحوالهم).
* وأشار (عليه السلام) بقوله: (صفوته من خلقه) إلى اصطفاء النبي من سائر الخلق، ليتمكن بتلك الخلقة الصافية من نيل مقام الوساطة بين الخالق والمخلوق، وأداء مهمة الرابط بين العالي والداني.
وما ألطف كلمة " التعبير " التي أتى بها في قوله: " يعبرون عنه " ليوضح منزلة النبي، وأنه كاللسان المبين ما في الضمير، ينطق عن الله تعالى، ويبلغ ما يريده إلى خلقه، وهذه المنزلة لازمة لقداسة النبي ومستلزمة لعصمته.
* كما بين (عليه السلام) الدليل على لزوم المعجزة لإثبات النبوة بقوله: " يكون معه علم يدل على