" قوموا عني "، مع أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا صافحه أحد لم يترك يده من يده حتى يكون هو التارك (1)، وإذا جلس إليه أحد لم يقم حتى يقوم الذي جلس إليه (2)، وكان أحيى الناس وأكرمهم لمن يرد عليه، فقوله (صلى الله عليه وآله وسلم) " قوموا عني " يكشف عن تألمه إلى حد لم يتحمل جلوسهم عنده، وقد قال الله تعالى: {والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم} (3)، وقال سبحانه: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة} (4).
الخامس: إن هذه المقالة صارت سببا لرفع الأصوات عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} (5)، وقال سبحانه: {إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى} (6)، كما صارت سببا للتنازع عنده، وقد قال سبحانه: {وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا} (7)، وقد قال الله تعالى: {فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول} (8)، فصار الذي جعله الله مردودا إليه في كل أمر، مردودا عليه في أمره!
السادس: إن الغاية القصوى من إرسال الرسل وإنزال الكتب هداية الانسان