نهر ونحوها بأن أحياها أشخاص عليه ليستقوها منه بواسطة السواقي أو الدوالي أو النواعير أو المكائن المتداولة في هذه الأعصار كان للجميع حق السقي منه، فليس لأحد أن يشق نهرا فوقها يقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج تلك الأملاك، وحينئذ فإن وفي الماء لسقي الجميع من دون مزاحمة في البين فهو، وإن لم يف ووقع بين أربابها في التقدم والتأخر التشاح والتعاسر يقدم الأسبق فالأسبق في الاحياء إن علم السابق، وإلا يقدم الأعلى فالأعلى والأقرب فالأقرب إلى فوهة الماء وأصله، فيقضي الأعلى حاجته ثم يرسله إلى ما يليه وهكذا، لكن لا يزيد للنحل عن الكعب أي قبة القدم على الأحوط وإن كان الجواز إلى أول الساق لا يخلو من قوة، وللشجر عن القدم، وللزرع عن الشراك.
مسألة 30 - الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط ونحوها إذا وقع التعاسر بين أربابها بأن كان الشط لا يفي في زمان واحد باملاء جميع تلك الأنهار كان حالها كحال اجتماع الأملاك على الماء المباح المتقدم في المسألة السابقة، فالأحق ما كان شقه أسبق ثم الأسبق، وإن لم يعلم الأسبق فالمدار هو الأعلى فالأعلى، فيقبض الأعلى ما يسعه ثم ما يليه وهكذا.
مسألة 31 - لو احتاج النهر المملوك المشترك بين جماعة إلى تنقية أو حفر أو إصلاح أو سد خرق ونحو ذلك فإن أقدم الجميع على ذلك كانت المؤونة على الجميع بنسبة ملكهم للنهر، سواء كان إقدامهم بالاختيار أو بالاجبار من حاكم قاهر جائر أو بالزام من الشرع، كما إذا كان مشتركا بين المولى عليهم ورأى الولي المصلحة الملزمة في تعميره مثلا، وإن لم يقدم إلا البعض لم يجبر الممتنع، وليس للمقدمين مطالبته بحصته من المؤونة ما لم يكن إقدامهم بالتماس منه وتعهده ببذل حصته، نعم لو كان النهر مشتركا بين القاصر وغيره وكان إقدام غير القاصر متوقفا على مشاركة