فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الثقة الصالح علي بن إبراهيم بن هاشم القمي (رضي الله عنه) في كتابه " كتاب المبعث " من نسخة تاريخها سنة أربعمائة من الهجرة النبوية، فيما ذكره في سرية عبد الله بن عتيك، وقد نفذهم النبي - صلوات الله عليه وآله - لقتل أبي رافع، فقال في حديثه ما هذا لفظه: وكانوا قبل أن يدخلوا قد تشاوروا فيمن يقتله، ومن يقوم على أهل الدار بالسيف، فوقعت القرعة على عبد الله بن أنيس.
أقول: فهذا ما أردنا ذكره من الحديث قد تضمن عملهم على القرعة في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) في مثل هذا المهم العظيم، فلولا علمهم أن القرعة من شريعته، وأنها تدل على المراد بها على حقيقته، كيف كانوا يعتمدون عليها ويخاطرون بنفوسهم في الرجوع إليها؟!
ومن الأحاديث في العمل بالقرعة، ما رويناه بعدة طرق إلى الحسن بن محبوب، من كتاب " المشيخة " من مسند جميل، عن منصور ابن حازم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول - وسأله بعض أصحابنا عن مسألة: فقال - " هذه تخرج في القرعة "، ثم قال: " وأي قضية أعدل من القرعة إذا فوض الأمر إلى الله - عز وجل -؟ أليس الله - عز وجل - يقول: {فساهم فكان من المدحضين} (1)؟
ومن الأحاديث في العمل بالقرعة ما رويته بعدة طرق أيضا إلى جدي أبي جعفر الطوسي، فيما ذكره في كتاب " النهاية " فقال: روي عن أبي الحسن موسى (عليه السلام)، وعن غيره من آبائه وأبنائه - صلوات الله عليهم - من قولهم: " كل مجهول ففيه القرعة " قلت له: إن القرعة تخطئ