فحسب غير أنه يتم الأفعال ويختصر الأركان لأن حق الغير تعلق به.
إذا اكترى عينا من الأعيان لم يخل من أحد أمرين: إما أن يكون عقارا أو غيره:
فإن كان عقارا مثل الدار أو الدكان أو الأرض لم يجز ذلك إلا بشرطين:
أحدهما أن تكون العين معلومة، والثاني أن تكون المنفعة معلومة.
وتصير العين معلومة بشيئين: أحدهما المشاهدة، والثاني التحديد، ويشاهدها ثم يحددها له المكري، فيذكر حدودها الأربعة حتى يتبين حصر الذي اكتراه.
والمنفعة تصير معلومة بالتقدير، لأنه لا يمكن مشاهدتها ولا تقديرها بكيل ولا وزن ولا نوع، بل يقدر بتقدير الزمان.
فإذا ثبت أنها لا بد أن تكون معلومة، والمنفعة معلومة، فمن شرط صحة العقد أن تكون المنفعة متصلة بالعقد، ويشرط أنها من حين العقد، فإذا قال: آجرتك هذه الدار شهرا، ولم يقل: من هذا الوقت، ولكنه أطلق الشهر فإنه لا يجوز، وكذلك إن آجره الدار في شهر مستقبل بعد ما دخل، فإنه لا يجوز، فعلى هذا إذا قال في رجب: آجرتك هذه الدار شهر رمضان، لم تصح الإجارة، وعند قوم تصح، وهو قوي.
فإذا ثبت ما قلناه فإذا آجره العقار واتصلت المنافع بالعقد، لم يخل من أحد أمرين: إما أن يسلم العقار إليه، أو لا يسلم، فإن سلم له ما استحقه من المنافع، فقد استقر له حقه، وينظر:
فإن كان العقد صادف أول الشهر كان الاعتبار بالهلال، وإن كان أكراه شهرا فحتى يهل الهلال للشهر الآخر، سواء كان الشهر ناقصا أو كاملا.
وإن كان العقد لم يصادف أول الشهر كان الاعتبار بالعدد، فيعد من ذلك الوقت تمام ثلاثين يوما، فإذا انقضى ذلك فقد استوفى حقه بلا خلاف في ذلك، وإن تلفت الدار قبل مضي الوقت انفسخ العقد فيما بقي ولا ينفسخ فيما مضى.