وقال آخرون: هذا غلط، لا يجب على الثاني كمال قيمته لأن عقر الأول كان مبيحا والثاني حاضرا، فلما ترك الأول ذكاته مع القدرة بان أن الأول كان حاضرا فقد مات من جرحين حاضرين، فلم يجب على أحدهما كمال القيمة، كما لو جرح شاة نفسه ثم جاء آخر فجرحها ثم ماتت لم يكن على الثاني كمال قيمتها، لأنها ماتت من جرحين حاضرين.
فإذا ثبت هذا فمن قال بالأول فلا كلام، فإن على الثاني كمال القيمة وبه جرح الأول، ومن قال بالثاني - وهو الأقوى عندنا - قال: ليس على الثاني كمال قيمته، وكم الذي يجب عليه؟ يحتاج أن يفرض مسألة فيه كان الجرحان معا مضمونين، ليعلم ما يجب على كل واحد منهما، فإذا فرغنا منه عدنا إلى مسألتنا فطرحنا عن الأول الضمان، وبقينا على الثاني ما يجب عليه، فعبد الغير وشاته والصيد المملوك سواء.
فنفرضها في صيد مملوك قيمته عشرة، جنى الأول جناية أرشها درهم، وجنى الثاني جناية أرشها درهم ثم سرى إلى نفسه ومات.
قال قوم: فيه ستة أوجه:
أحدها: أن لا يدخل أرش كل واحد في دية النفس، وعلى كل واحد منهما أرش جنايته ونصف قيمته بعد الجنايتين، لأن الأول جنى عليه وحده جناية أرشها درهم، فلزمه درهم، فعادت قيمته إلى تسعة ثم جنى عليه الثاني جناية أرشها درهم فلزمه درهم كالأول وصار قيمتها ثمانية، ثم سرتا إلى نفسه وقيمته ثمانية فوجب على كل واحد منهما نصف قيمته بعد الجنايتين أربعة، فيكون على كل واحد منهما خمسة.
فإن كانت بحالها وكان أرش جناية الأول ثلاثة وأرش جناية الثاني درهما، عادت قيمته بعد الجنايتين إلى ستة، فعلى كل واحد منهما كمال أرش جنايته ونصف قيمته بعد الجنايتين، فيكون على الأول ستة، وعلى الثاني أربعة.
فإن كانت بحالها وكان أرش جناية الأول درهما وأرش جناية الثاني ثلاثة