مسألة 24: إذا اضطر إلى طعام الغير لم يجب على الغير إعطاؤه، وقال الشافعي: يجب عليه ذلك ثم لا يخلو حال المضطر من أحد أمرين: إما أن يكون واجدا ثمنه في الحال أو في بلده أو لم يكن واجدا، فإن كان واجدا لم يجب عليه إلا ببذل، وإن لم يكن واجدا أصلا وجب عليه بذله بغير بدل. وفي الناس من قال: يجب عليه بذله بغير بدل إذا لم يكن واجدا في الحال وإن كان واجدا له في بلده.
دليلنا: أن الأصل براءة الذمة، وإيجاب ذلك يحتاج إلى دليل.
مسألة 25: إذا وجد المضطر ميتة وصيدا حيا وهو محرم، اختلفت أحاديث أصحابنا فيها على وجهين: أحدهما أنه يأكل الصيد ويفدي ولا يأكل الميتة، وبه قال الشافعي في أحد قوليه وهو اختيار المزني، والوجه الآخر يأكل الميتة ويدع الصيد وهو قول الشافعي الآخر، وبه قال مالك وأبو حنيفة.
دليلنا على ذلك: إن الصيد إذا قتله أو أكله فداه فيكون أكل من ماله طيبا، وأيضا أكثر أصحابنا على ذلك وأكثر رواياتهم، وإذا قلنا بالرواية الأخرى - وهو الأصح عندي - أن الصيد إذا كان حيا فذبحه المحرم كان حكمه حكم الميتة ويلزمه الفداء، فإن يأكل الميتة أولى من غير أن يلزمه فداء، والرواية الأولى نحملها على من وجد لحم الصيد مذبوحا، فإن الأولى أن يأكله ويفدي ولا يأكل الميتة، وقد بينا ذلك في كتاب تهذيب الأحكام وكتاب الاستبصار.
مسألة 26: إذا ذبح المحرم الصيد كان حكمه حكم الميتة لا يحل أكله لأحد، وللشافعي فيه قولان: أحدهما أن ذكاته لا تبيح مثل ذكاة المجوسي، والثاني أن ذكاته لا تحل له وتحل لغيره من المحلين.
دليلنا: إجماع الفرقة وطريقة الاحتياط.