ويقول ابن القيم ردا على ما أخرجه أبو داود في سننه (1): إن معاوية بن أبي سفيان قال لأصحاب النبي (صلى الله عليه وآله): هل تعلمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نهى عن صفف النمور؟ قالوا: اللهم نعم. قال: وأنا أشهد. قال: أتعلمون أن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن لبس الذهب الا مقطعا؟ قالوا: اللهم نعم! قال: أتعلمون أن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى أن يقرن بين الحج والعمرة؟ قالوا: اللهم لا. قال: والله إنها لمعهن، وفي رواية: ولكنكم نسيتم. قال ابن القيم: ونحن نشهد بالله أن هذا وهم من معاوية أو كذب عليه فلم ينه رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك قط (2).
والطريف أن معاوية يروي رواية أخرى يناقض فيها نفسه: فعن ابن عباس قال:
قال لي معاوية: أعلمت أني قصرت من رأس رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند المروة بمشقص، فقلت له: لا أعلم هذا إلا حجة عليك:
قال ابن القيم: وهذا مما أنكره الناس عليه (3). المشقص: نصل عريض يرمى به الوحش.
أقول: يظهر من رواية مسلم عن سعد بن أبي وقاص وهاتين الروايتين ما يلي:
1 - أن معاوية كان ينهى عن متعة الحج كأسلافه عثمان وعمر.
2 - ان معاوية وضع هذا الحديث بنفسه وذلك تأييدا لمرامه وهو المنع من عمرة التمتع في أشهر الحج وأن بعض الروايات التي رويت في هذا الصدد وضعت في عهده تأييدا لرأي السلطة التي كان زعيمها لا يتأبى عن وضع الحديث.