في مجلس كان أكثره منهم وذكرت الآية فقلت ليس هذا هو الغالب في لغة القرآن فقد قال الله تعالى في هذه السورة أي المائدة: " أحل لكم صيد البحر و طعامه متاعا لكم وللسيارة " 1 ولا يقول أحد، إن الطعام من صيد البحر هو البر أو الحبوب. وقال: " كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة " 2 ولم يقل أحد إن المراد بالطعام هنا البر أو الحب مطلقا إذ لم يحرم شئ منه علي بني إسرائيل لا قبل التوراة ولا بعدها فالطعام في الأصل كل ما يطعم أي يذاق أو يؤكل، قال تعالى في ماء النهر حكاية عن طالوت: " فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني " 3 وقال: " فإذا طعمتم فانتشروا " 4 أي أكلتم، وليس الحب مظنة التحليل والتحريم وإنما اللحم هو الذي يعرض له ذلك لوصف حسي كموت الحيوان حتف أنفه وما في معناه، أو معنوي كالتقرب به إلى غير الله... 5 فهو بذكر هذه الآيات واستشهاده بها صار بصدد ابطال ما قال به الشيعة و أثبت بزعمه أن تفسير الطعام بالحبوب أو البر خلاف آيات القرآن نفسها.
وفيه أن الاطلاق المذكور على ما ذكرنا مؤيد عند أهل اللغة، فلو أنكر كون هذا المعنى موضوعا له فلا يمكن انكار أصل الاستعمال كما في كل مورد يطلق المطلق ويراد منه قسم خاص منه مع قرينة تدل عليه حالية أو مقالية أو غير هما ككون هذا القسم الخاص أغلب من ساير الأقسام الموجودة في المطلق، أو كونه مظنة للحاجة كثيرا، كما أن الحبوب أو البر فيما نحن فيه كذلك، ولينظر