أيضا كذلك فمتى ورد حكم من الأحكام المربوطة بها استفيد منها هذا المعنى أعني الطهارة الشرعية وهي إحدى الطهارات الثلاث: الوضوء، والغسل، والتيمم، أو الحالة الحاصلة للمتطهر عقيب إحدى تلك الثلاث مثلا، فكان المسلمون عند سماع قول الله تعالى: " وأنزلنا من السماء ماءا طهورا " 1 أو قوله تعالى: " وإن كنتم جنبا فاطهروا " يستفيدون - بأعمال الشارع وتصرفه من أول الأمر - الطهارة الشرعية من الحدث أو الخبث وكما أن الصحابة كانوا يتبعون نبيهم الموحى إليه في أحكام الكتاب والسنة وغيرها، كذلك كانوا يتبعونه في حقائق هذه الألفاظ، وممن ادعى الحقيقة الشرعية وبالغ عليه كثيرا هو صاحب الحدائق قدس سره. 3 وأورد بعضهم بأن دلالة الآية على نجاسة الكفار وإن كانت تامة غير قابلة للانكار إلا أن المراد من النجاسة هو القذارة أي المعنى اللغوي فلا حقيقة شرعية في البين.
وفيه أن الظاهر منها هو النجاسة المصطلحة أي العينية الذاتية.
هذا مضافا إلى أنه منقوض أولا في خصوص بعض بل وكثير من الكفار حيث إنه في غاية النظافة الظاهرية بحيث لا يرى في ظاهره قذارة أصلا.
وثانيا بأن بعض المسلمين أيضا غير نظيف وبالجملة فالنجاسة اللغوية والعرفية لا تختص بالمشركين بل يشاركهم فيها غيرهم من المسلمين. 4 وقد ظهر مما ذكرنا إن ما أصر عليه الفقيه الهمداني قدس سره من الايراد على صاحب الحدائق مدعيا أن المراد من النجاسة هو المعنى اللغوي، في غير