وهنا اشكال ينبغي التعرض له وهو أنه سلمنا دلالة الآية على نجاسة الكفار وعدم جواز دخولهم المسجد لكن كيف يمكن التوفيق بين هذا وبين ما ثبت وتحقق من أن عدم جواز ادخال النجس في المسجد مشروط بكونه ذا رطوبة متعدية وأما النجاسة الجافة غير المتعدية فادخالها فيه غير ممنوع.
والجواب عنه أولا: أنه يمكن أن يكون هذا تعبدا محضا لا مستندا إلى نجاستهم المقطوع بها، وإن كان الحكم ذا أسرار كثيرة وحكم بالغة عظيمة، لكنها خافية علينا مستترة عن أفهامنا منا الضئيلة، وعقولنا الضعيفة، ولا يعلمها إلا الله تعالى.
وعلى الجملة فمن الممكن حرمة ادخال كل نجس في المسجد إذا كان رطبا ساريا إلا الكافر فإنه يجب منعه عنه مطلقا تعبدا في خصوص المورد وفي هذا النجس الخاص.
وثانيا: أنه يمكن أن يكون هذا لأجل دفع التوهين عن المسجد، الذي هو أشرف مكان معد لتعبد المتعبدين، وصلاة المصلين، يتقرب العباد فيه إلى خالقهم، ويذكرون فيه اسم الله تعالى آناء الليل وأطراف النهار، وتعظيمه و تكريمه فرض على جميع المسلمين، ودخول الكافر فيه مناف لتعظيمه واجلاله.
وثالثا: أنه يمكن أن يكون وجه هذا التشديد في أمر الكفار هو كونهم غير مأمونين عليه من التلويث فلربما ينجسون المسجد أو يتنجس المسجد بهم قهرا بالقاء النخامة والنخاعة، وتأثره وتنجسه برطوباتهم لعدم مبالاتهم بالطهارة والنجاسة، وعدم اعتنائهم بشأن المسجد الرفيع واحترامه المخصوص. 1