ثم إن كلمة (إنما) الدالة على الحصر، المذكورة في صدر الآية لا تضر بالاستدلال بالآية فإن الحصر هنا إضافي بالنسبة إلى الطهارة، ومن باب قصر الموصوف على الصفة مثل: إنما زيد قائم حيث يفيد أن القيام فقط ثابت لزيد لا القعود ونحوه فهو لاثبات خصوص القيام لزيد ونفي ما سواه عنه، وهذا بخلاف قولنا: إنما القائم زيد حيث يثبت القيام لزيد، وينفى عمن سواه، كعمرو وبكر، فمفاد الآية إن المشركين نجس فقط لا طاهر، فلا يكون لهم من الصفتين إلا النجاسة.
والعجب من الفخر الرازي حيث إنه فسرها بعكس ذلك وإن النجس من أصناف الانسان هو المشرك وحده، وغير المشرك منه يكون طاهرا، وبما أن أبا حنيفة كان يقول بطهارة المشركين ويفتي بنجاسة أعضاء المحدث وعليه بنى نجاسة الماء المستعمل في الحدث الأكبر والأصغر فقد طعن عليه الفخر في تفسيره بأن كلامه في الموضعين مخالف للآية الكريمة 1 حيث إن المستفاد منها إن المشرك نجس، والمؤمن لا ينجس، والحال أن أبا حنيفة ومن سلك مسلكه يقولون: المشرك طاهر والمؤمن في حال الحدث نجس فقلبوا الأمر.
والحاصل أن الرازي قال: معنى الآية إن المشرك وحده نجس لا غيره.