وجهابذة الأدب والفقاهة، بدراسات متوالية، وتعاليم متتابعة، فجاهدوا في إحياء الدين وإعلاء الكلمة الحقة ونشر علوم أهل البيت عليهم السلام، وكابدوا في سبيل ذلك كل ألم وتعب، وقاسوا كل عناء ونصب، ولم يخافوا في الله لومة لائم، وما وهنوا لما أصابهم في جنبه، وما ضعفوا وما استكانوا، والله يؤيد بنصره من يشاء إن الله على كل شئ قدير.
نعم، قد أثمرت تلك الشجرة، وينعت ثمارها، وحان قطافها، فلا يزال يبرز من الحوزة رجال عظماء، وأبطال كبراء، وأساتذة وزعماء، ينتشر في البلاد آثارهم، ويستفيد الناس من علومهم، ويستضئ الفضلاء بأنوارهم، ويستصبح المتعلمون بأضوائهم. وفي الرعيل الأول من أولئك العباقرة سماحة الأستاذ الأكبر، الحجة الفذ، الآية العظمى " الحاج آقا روح الله الموسوي الخميني " - أطال الله بقاءه وأدام على رؤوسنا ظلاله - فقد طال ما ينتفع الطلاب من دروسه الراقية، وأفكاره العميقة، وآرائه القيمة، جزاه الله عنا خير الجزاء.
ومما تفضل الأستاذ علينا بإلقائه دروس عالية في الفقه آخذا على طريقة الأصحاب من كتاب الطهارة، وقد كتب بقلمه الشريف جل ما أفاد، ثم من علينا بإجابة مسؤولنا الذي لم نزل نكرر عليه التماسه، فأجاز لنا أن نقدم في طبعه و نشره، حتى يكون الانتفاع به أشمل وأعم، والاستفادة منه أكمل وأتم.
ونحن بعون الله تعالى نبذل غاية جهدنا في تنميق طبع هذا السفر القيم والأثر الفخم، ونبلغ جهيدانا في تصحيحه وتخريج رواياته، رجاء أن يبدو للقراء الكرام بصورة بهية رائقة، وطبعة رشيقة رائعة، وإن كان خروج الكتاب خاليا عن الأغلاط ربما يعد من الآمال التي لا يرجى تحققها! إلا أن ترك السعي في ذلك - و لا أقل من تقليل الخطأ - خطأ لا يقبل الاعتذار منه. نرجو من الله التوفيق لاتمام هذا الجزء وما يليه ولكل خير، والله المستعان.
علي أكبر المسعودي