أقول إذا تكيف الهواء متشكلا بالحروف إما أن لا يفارق إذا بعدت المسافة فيكون أكثف من الماء لبقاء الرسوم فيه بعد انقطاع الأصوات بخلاف الماء أو يفارق فيلزم أن لا تسمع بالهواء إلا إذا قرب من الغضروف جدا وكلا اللازمين باطل للاجماع والحس فيشكل ما قالوه وأيضا إذا كان الاسماع بالتكيف المذكور فيلزم محو أشكال الحروف من الهواء الداخل في جدار محكم الصنعة وليس كذلك. وأجاب في الملخص عن هذا بأن الجدار لا يحول رسم الهواء للطفه وتخلخل الجدار وهذا الرد مردود بالسماع من حائل لا خلخلة فيه كالشمع والذهب وحاصله أن في هذا البحث إشكالا لم أقف على تحقيقه أصلا.
* (تنبيه) * كل خيوان يبيض لم تبرز أذناه وكل ما يلد بالعكس والمخرزات غالبها مفقود السمع كالعقرب والحية وأشدها سمعا الخلد.
[القول في آلة الذوق] وهى اللسان والرطوبة واللسان لحم رخو متخلخل بين بياض وحمرة حالة الصحة وطرفه الخارج بمفصلين: طرف التصق بالأعصاب والعضل، وآخر عرضي ينطوى تحته عروق مشيمية وغدد إسفنجية إلى البياض يستحيل فيه الدم لعابا ويجرى من عروق تسمى السواكب إلى جرم اللسان فيخالط المذوقات فيحصل الاحساس إما لتخلخل الأجسام أو تكيف الرطوبة بالطعوم على الخلاف السابق في الشم وخلقت تفهة لتباين الطعوم فتعرفها وقد علمت كيفية الأعصاب.
* (فوائد: الأولى) * كلما دق اللسان ورق غشاؤه وحسنت استدارته وطال كان أفصح وإذا عرض كان أثقل (الثانية) أصل اللسان متصل بالقصبة فمنه إلى آخر الفم مواضع الحروف وقد قالوا إن الحروف معه قسمان إما هوائية يستغنى في النطق بها عن اللسان وحده وهى الألف والواو والياء أو جرمية وهذه ثلاثة أقسام إما منطق بأصل اللسان الداخل والحلق كالكاف والقاف أو بواسطة كالجيم والشين أو آخره كالبواقي غير الشفوية أو يتعلق بمجرد الشفة وهى ثلاثة الفاء والباء والميم وعلى كل حال فالحروف لابد لها من إحياز الفم والصحيح أن كل حرف له مخرج فإذا تغير النطق بحرف منها نظرنا في محله من المفصل والأعصاب فأصلحناه وذلك لان التغير قد يكون لفرط الرطوبة كمن يعسر عليه النطق بالراء والسين فيجعل الأولى غينا والثانية شينا وهذا بفرط الرطوبة قطعا ومن ثم يزول بزوال الصغر وقلة الرطوبة وموضع الحرفين المذكورين شعب العصب الآتي من مقدم الدماغ وقد عرفت أنه لين جدا فعلى هذا تقاس البواقي كلها ولأهل علم الحروف بها عناية شديدة في استخراج طبائعها وخواصها لا يحتمل بسطه هذا المحل (الثالثة) كل ما قارب لسانه في الوضع لسان الانسان أمكن نقطه بالحروف كالببغاء والغراب (الرابعة) أن من الحيوان ما قلب لسانه فجعل العريض إلى الخارج كالفيل ولولا ذلك لنطق بالحروف (الخامسة) أن اللسان إذا جف سقط الذوق ولو ثبت من غير تحرك لعسر الازدراد وتعذر وعليه يمتنع الغذاء أو يفسد البدن فإذا هو معظم الآلات (السادسة) أن غالب المخرزات خصوصا ذوات السموم فرق لسانها بقسمين لفرط اليبس وذلك لعفن أبدانها لعدم ذوقها وتمييزها.
[القول في آلات اللمس] هو عبارة عن الاحساس من الجسم حال ملاقاته بما فيه من كيفية وكمية وهذا بإفاضة الحس من الأعصاب السابقة على سائر البدن ولكنه في اليدين أكثر فلذلك كاد عرف العامة أن يخصه بهما ومدركاته أكثر المدركات فالمدرك بالبصر ليس إلا الألوان والضوء في الشفق والشعاع فرع الثاني على الأصح وبالشم نوع الرائحة وبالسمع الحرف